بخلاف الكل ومنها أن الحوادث الماضية قابلة للزيادة والنقصان للقطع بأن دورات الفلك من الآن إلى ما لا يتناهى أكثر من دوراتها من يوم الطوفان ودورات الشمس أكثر من دورات زحل وعدد الأيام أكثر من عدد الشهور والسنين وكل ما يقبل الزيادة والنقصان فهو متناه لأن معنى نقصان الشيء من الشيء أن يكون بحيث لا يبقى منه شيء في مقابلة ما بقي من الزائد فيتناهى الناقص ويلزم منه تناهي الزائد حيث لم يزد عليه إلا بقدر متناه ورد بعد تسليم المقدمة الأولى بمنع الثانية وإنما يصح لو لم تكن الزيادة والنقصان من الجانب المتناهي ولا معنى للزيادة والنقصان ههنا إلا أن تحصل في إحدى الجملتين شيء لم يحصل في الأخرى وهو لا يوجب الانقطاع كما في مراتب الأعداد ومنها أنه لو كانت الحركات الماضية غير متناهية لامتنع انقضاؤها لأن ما لا يتناهى لا ينقضي ضرورة واللازم باطل لأن حصول اليوم الذي نحن فيه موقوف على انقضاء ما قبله ورد بالمنع فإن غير المتناهي إنما يستحيل انقضاؤه من الجانب الغير المتناهي ومنها أن الحركة أثر الفاعل المختار وكل ما هو كذلك فهو حادث مسبوق بالعدم أما الكبرى فلما تقدم وأما الصغرى فلأن كل جزء يفرض من الحركة فهو على الزوال والانقضاء ضرورة كونها غير متقررة إلا جزاء ولا شيء من الزئل بأثر للموجب لامتناع انتفاء المعلول مع بقاء علته الموجبة وإذا كان كل جزء من الحركة أثر للفاعل المختار كانت الحركة أثرا له لأن الموجد لكل جزء من أجزاء الشيء موجد له ضرورة وقد سبق الكلام على ذلك في بحث استناد الحادث إلى الموجب القديم وأنه يجوز ذلك بشرط حادث فغاية الأمر لزوم تعاقب حوادث غير متناهية يكون حدوث اللاحق منها مشروطا بانقضاء السابق ومنها أن كل حركة تفرض لا تخلو من أن تكون مسبوقة بحركة أخرى فلا تكون أزلية ضرورة سبق العدم عليها أو لا تكون مسبوقة بأخرى بل يتحقق حركة لا حركة قبلها فتكون أول الحركات فتكون للحركة بداية وهو المطلوب ورد بأنا نختار الأول ولا يفيد إلا حدوث كل من جزئيات الحركة ولا نزاع فيه وإنما النزاع في أن ينتهي إلى حادث لا يكون قبله حادث آخر ومنها أنه لو فرضنا تعاقب الحوادث من غير بداية لكان كل منها مسبوقا بعدم أزلي لأن ذلك معنى الحدوث ويلزم اجتماع تلك العدمات في الأزل إذ لو تأخر شيء منها عن الأزل لما كان أزليا وإذا اجتمعت العدمات في الأزل فإن حصل شيء من الوجودات في الأزل لزم مقارنة السابق والمسبوق بل اجتماع النقتضين وهو محال وإن لم يحصل فهو المطلوب واعترض بأن الأزل ليس عبارة عن حالة مخصوصة شبيهة بالظرف يجتمع فيها عدمات الحوادث حتى لو وجد فيها شيء من وجوداتها لزم اجتماع النقيضين بل معنى أزلية العدمات أنها ليست مسبوقة بالوجودات وهذا لا يوجب تقارنها في شيء من الأوقات وما يقال
(٣٣٠)