شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣٣٨
وأوضاعها وحركاتها اللازمة لها لأن بعض ذلك مما ينتفع به في الشرعيات كتعدد المشارق والمغارب واختلاف المطالع وأمر القبلة وأوقات الصلاة وغير ذلك وبعضه مما يعين على التفكر في خلق السماوات والأرض المؤدي إلى مزيد خبرة يبالغ حكمة الصانع وباهر قدرته وبعضه مما يجب التنبيه لفساده فيحكى كذلك وهذا العلم فيما بينهم أيضا يذكر على طريق الحكاية عن علم آخر فيه براهينه يسمونه المجسطي فلا بأس إن اقتصرنا على مجرد الحكاية لكن على وجهها إن شاء الله تعالى لا كما وقع في المواقف فيتعجب من له أدنى نظر في هذا الفن من قلة اهتمام الحاكي بالمحكي ويتخذ ذلك مغمزا على المتصدي لتحقيق العلوم الإسلامية فنقول لما وجدوا الشمس والقمر وسائر الكواكب متحركة بالحركة اليومية من المشرق إلى المغرب ثم وجدوها بالنظر الدقيق متحركة حركة بطيئة من المغرب إلى المشرق ووجدوا الكواكب السبعة أعني الشمس والقمر وزحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد ذوي حركات غريبة مختلفة غير متشابهة بقياس بعضها إلى البعض وكانت الكواكب عندهم مركوزة في الأفلاك لا كالحيتان في المياه بنوا على ذلك أن الأفلاك الكلية الشاملة للأرض الكائنة على مركزها تسعة اثنان للحركتين الأوليين وسبعة لحركات السبعة السيارة لامتناع الحركتين المختلفتين في زمان واحد من جسم واحد وأما في جانب الكثرة فلا قطع لجواز أن يكون كل من الثوابت على فلك وأن تكون الأفلاك الغير المكوكبة كثيرة محيطا بعضها بالبعض لكنهم لم يذهبوا إلى ذلك لعدم الدليل ولأنهم لم يجدوا في السمويات فضلا لا حاجة إليه وجوز بعضهم كون الأفلاك ثمانية تستند الحركة الأولى إلى مجموعها لا إلى فلك خاص وذلك بأن تتصل بها نفس واحدة تحركها الحركة اليومية قال صاحب التحفة فيجوز أن تكون سبعة بأن تكون الثوابت ودوائر البروج على محدب فلك زحل وتتعلق نفس بمجموع السبعة تحركها الحركة الأولى وأخرى بالسابعة تحركها الحركة الأخرى لكن بشرط أن نفرض دوائر البروج متحركة بالسريعة دون البطيئة لتنتقل الثوابت بها من برج إلى برج كما هو الواقع (قال وإنه لا كوكب عليه وإنه يتحرك 8) إنما جعل ذلك من قبيل زعمهم لأن الذاهبين إلى أن الكواكب سابحة في الأفلاك كالحيتان في المياه لا يقولون بذلك (قال يسمى معدل النهار 2) لتعادل الليل والنهار في جميع البقاع عند كون الشمس عليها والمراد بالمنطقة أعظم الدوائر الحادثة من حركة الكرة على نفسها وبقطبيها النقطتان الثابتتان عند حركة الكرة والدوائر الصغار الموازية للمنطقة تسمى مدارات تلك الحركة وأحد قطبي العالم وهو الذي يلي شمال المواجه للمشرق يسمى الشمالي والآخر الجنوبي (قال ويتم دوره في قريب من اليوم بليلة 3) إنما قال في قريب لأنها تنقص من اليوم بليلته بمقدار الحركة الخاصة للشمس من المغرب إلى المشرق (قال ويحرك الكل 3) يعني أن التاسع
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»