كانت لا في موضوع وأما من حيث حلولها في النفس الجزئية وقيامها بها فهي من قبيل الأعراض الجزئية لا الجواهر الكلية (قال وأما المقالة الأولى) لا خفاء ولا نزاع في أن لفظ الجسم في لغة العرب وكذا ما يرادفه في سائر اللغات موضوع بإزاء معنى واحد واضح عند العقل من حيث الامتياز عما عداه لكن لخفاء حقيقته وتكثر لوازمه كثر النزاع في تحقيق ماهيته واختلفت العبارات في تعريفه وأدى ذلك إلى اختلاف في بعض الأشياء أنه هل يكون جسما أم لا فعند المحققين من المتكلمين هو الجواهر القابل للانقسام من غير تقييد بأقطار الثلاثة فلو فرضنا مؤلفا من جوهرين فردين كان الجسم هو المجموع لا كل واحد منهما كما زعم القاضي تمسكا بأنه جوهر مؤلف وكل جوهر مؤلف جسم وفاقا ومبنى الصغرى على امتناع قيام التأليف بالجزئين لامتناع قيام العرض الواحد بمحلين بل لكل جزء تأليف قائم به وهو معنى المؤلف والجواب أن التأليف معنى بين الشيئين يعتبر استناده إلى المجموع من حيث هو المجموع فيكون مؤلفا من الشيء وإلى كل واحد فيكون مؤلفا مع الشيء كما يقال في النحو الكلام هو المركب الذي فيه الإسناد والمعرب المركب الذي لم يشبه مبنى الأصل فالجسم هو المؤلف بالمعنى الأول والجزء بالمعنى الثاني فلا تكرر للوسط فإن قيل المراد بالتأليف عرض خاص مغاير لمعناه اللغوي المشعر بالانضمام المقتضي للتعدد وهو السبب عند المعتزلة لصعوبة الانفكاك فالجواب ح منع الكبرى وجعل الآمدي النزاع لفظيا عائدا إلى أن لفظ الجسم بإزاء أي معنى وضع وصاحب المواقف معنويا عائدا إلى أنه هل يوجد عند اجتماع الأجزاء وحصول الجسم عرض خاص هو التأليف والاتصال والسبب لصعوبة الانفكاك على ما يراه المعتزلة أم لا بل الجسم هو نفس الأجزاء المجتمعة فالقاضي يحكم بوجوده لكن يزعم أنه ليس قائما بالجزئين كما هو رأي المعتزلة بل لكل جزء تأليف يقوم به فيكون جسما لما سيجيء من أن الجزء بمنزلة المادة والتأليف بمنزلة الصورة وفيه نظر لأن جمهور الأصحاب أيضا قائلون به وبعدم قيامه بجزئين وان جعل النزاع بينه وبين المعتزلة بمعنى أنهم قائلون بالتأليف دونه ففساده أكثر لأن القاضي يقول بالتأليف وهم لا يقولون بجسمية الجوهرين (قال وعند المعتزلة) المشهور بينهم في تعريف الجسم أنه الطويل العريض العميق ولا نزاع لهم في أن هذا ليس بحد بل رسم بالخاصة ومبنى كونها خاصة على أنهم لا يثبتون الجسم التعليمي الذي هو كم له للأبعاد الثلاثة ليكون هذا عرضا عاما يشمله فيفتقر إلى ذكر الجوهر احترازا عنه ويكون المجموع خاصة مركبة للجسم الطبيعي كالطائر الولود للخفاش ولا يضره كون الجوهر جنسا لأن المركب من الداخل والخارج خارج على أنه يحتمل
(٢٨٨)