والانتكاس وجوديان يتعاقبان على موضوع واحد بينهما غاية الخلاف ويقبل الشدة والضعف على ما هو ظاهر في كل من الانتصاب والركوع (قال ومنها له ويسمى الملك والجدة) ويفسر بالنسبة الحاصلة للجسم إلى أمر حاصر له أو لبعضه فينتقل بانتقاله كالتقمص والتختم ويكون ذاتيا كنسبة الهرة إلى إهابها وعرضيا كنسبة الإنسان إلى قميصه وقد يقال بحسب الاشتراك لنسبة الشيء إلى الشيء واختصاص له به من جهة استعماله إياه وتصرفه فيه ككون القوي للنفس والفرس لزيد وقال ابن سينا أما أنا فلا أعرف هذه المقولة حق المعرفة لأن قولنا له كم أو له كيف أو له مضاف كقولنا له أين أو له جوهر حاصر لكله كما في له ثوب أو لبعضه كما في له خاتم أو محصور فيه كما في قولنا للدن شراب يقع عليها لفظة له لا بالتواطئ لكن بالتشابه والتشكيك وإن احتيل حتى يقال أن مقولة له يدل على نسبة الجسم إلى شامل إياه ينتقل بانتقاله كالتقمص والتسلح والتنعل لم يكن لهذا المعنى من القدر في عداد المقولات وإن كان التشكيك يزوله (قال ومنها أن يفعل) هو تأثير الشيء في غيره على اتصال غير قار كالحال الذي للمسخن ما دام يسخن وأن ينفعل هو تأثر الشيء عن غيره كذلك كالحال الذي للمسخن ما دام يتسخن وأما الحال الحاصل للمستكمل عند الاستقرار أي انقطاع الحركة عنه كالطول الحاصل للشجر وكالسخونة الحاصلة للماء والاحتراق الحاصل للثوب والقعود والقيام الحاصل للإنسان فليس من هذا القبيل وإن كان قد يسمى أثرا أو انفعالا بل من الكم أو الكيف أو الوضع أو غير ذلك وكذلك الحال الحاصل للفاعل قبل التأثير وبعده كقوة النار تسمى إحراقا ويجري في كل من المقولتين التضاد فإن التسخين ضد التبريد والتسخن ضد التبرد ويقبلان الشدة والضعف فإن تسخين النار أشد من تسخين الحجر الحار والأسوداد الذي هو الحركة إلى ا لسواد منه ما هو أقرب إلى الاسوداد الذي هو الغاية في ذلك وأسرع وصولا إليه من اسوداد آخر إليه وذهب الإمام وجمع من المحققين إلى أن ثبوت هاتين المقولتين إنما هو في الذهن إذ لو وجدتا في الخارج لافتقر كل منهما إلى مؤثر له تأثير آخر ضرورة امتناع كون التأثير نفس الأثر على تقدير كونهما من الأعيان الخارجية وحينئذ يلزم التسلسل المحال وترتب أمور لا نهاية لها مع كونها محصورة بين حاصرين والجواب أن ذلك إنما يلزم لو كان كل تأثير وإيجاد حتى الإبداعي الذي لا يفتقر إلى زمان من قبيل أن يفعل وكل تأثر وحصول حتى الدفعي من قبيل أن ينفعل وليس كذلك بل إذا كان الفاعل يغير المنفعل من حال إلى حال على الاتصال والاستمرار فحال الفاعل هو أن يفعل وحال المنفعل أن ينفعل حتى فسر الفارابي أن يفعل بالتغيير والتحريك وأن ينفعل بالتغير والتحرك وقال لا فرق بين قولنا ينفعل وبين قولنا يتغير ويتحرك وأنواع هذا الجنس هي أنواع الحركة ففي الجوهر التكون والفساد وفي الكم النمو والاضمحلال وفي الكيف الاستحالة وفي الأين الثقلة وحقيقة أن ينفعل
(٢٨٥)