شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٨٣
في محل وحلولها في المحل إضافة بينها وبين المحل مغايرة لها حالة فيها فينقل الكلام إليه ويلزم التسلسل في الأمور الموجودة الثاني أنها لو كانت موجودة أي متصفة بالوجود واتصافها بالوجود إضافة خاصة يتوقف وجودها على وجود مطلق الإضافة لزم الدور ولا حاجة إلى ما يقال من أنها لو كانت موجودة لكانت مشاركة لسائر الموجودات في الوجود وممتازة عنها بخصوصيتها وما لم تتصف تلك الخصوصية بالوجود لم تكن الإضافة موجودة لكن الاتصاف إضافة مخصوصة يتوقف وجودها على وجود مطلق الإضافة فيلزم تقدمه على نفسه الثالث أنه يلزم أن يوجد لكل عدد صفات لا نهاية لها بحسب ما لها من الإضافة إلى الأعداد الغير المتناهية فإن الاثنين مثلا نصف الأربعة وثلث الستة وربع الثمانية وهكذا إلى غير النهاية وقد يجاب عن الوجوه الثلاثة بأن المحالات المذكورة إنما لزمت على تقدير أن يكون كل ما هو من أفراد الإضافة موجودة فيكون المستحيل هذا لا وجود بعض الإضافات وذلك لأن امتناع الإيجاب الكلي إنما يستلزم صدق السلب الجزئي الذي هو سلب الكل لا السلب الكلي الذي هو سلب كل لا يقال الإضافة طبيعة واحدة فلا تختلف أفرادها بامتناع الوجود وإمكانه لأنا نقول بل طبيعة جنسية لا يمتنع وجود بعض الأنواع منها دون البعض وقد يستدل على وجود الإضافة بأنا نقطع بفوقية السماء وتحتية الأرض وأبوة زيد وبنوة عمرو سواء وجد اعتبار العقل أو لم يوجد فيكون كل من ذلك موجودا عينيا لا اعتبارا عقليا والجواب أن القطع إنما هو بصدق قولنا السماء فوقنا كما في قولنا زيد أعمى وهو لا يستدعي وجود الفوقية والعمى (قال ثم المشهور) غني عن الشرح ومبناه على ما ذكروا من أن الإضافات لما كانت طبايع غير مستقلة بأنفسها بل تابعة لمعروضاتها كانت تابعة لها في الأحكام لئلا يلزم الاستقلال وما ذكر ابن سينا من أن التضاد لا يعرض للإضافات أراد بطريق الاستقلال بدليل أنه قال كما أن الحار ضد للبارد وكذا الأحر للأبرد إذ لو لم تكن الإضافة تابعة لمعروضها في هذا الحكم لكانت مستقلة فيه لكن احتجاجه بأن تقابل التضاد غير تقابل التضايف فيجب أن يوجد في المتضادين شيء ليس بمتضايف لكن وصف التضاد متضايف فلم يبق إلا موضوع التضاد فلزم أن يكون غير متضايف يدل على أن المتضايفين لا يتضادان لا تبعا ولا استقلالا وحاصله أنه لا يصدق على مثل الأحر والأبرد حد الضدين إذ لا يعقل كل منهما إلا بالقياس إلى الآخر لا يقال الشيء الذي لا تضايف فيه هو موضوع الأحر والأبرد أعني الجسمين لأنا نقول التضاد أو التضايف إنما تعبير فيما يرد على الموضوع كالحرارة والبرودة والأحرية والأبردية فتكون هي موضوع وصف التضاد أو التضايف لا موضوعاتها من النار والماء وغير ذلك مما يمكن
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»