الجسم يكون مع الهيولي أيضا بالفعل البتة لامتناع انفكاكها عن الصورة كما سيجيء قلنا المراد أن وجود المركب بالنظر إلى المادة نفسها ومن حيث أنها مادة لا يكون إلا بالقوة وبالنظر إلى الصورة بالفعل على ما قال في الشفاء أن المادة هي مالا يكون باعتباره وحدة للمركب وجود بالعقل بل بالقوة والصورة إنما يصير المركب هو ما هو بالفعل بحصولها حتى لو جاز وجود الصورة بدون المادة لكان مستلزما لحصول المركب بالفعل البتة فإن قيل الداخل في قوام الجسم والحال في المادة التي هي أحد الأقسام الخمسة أعني الهيولي الأولى البسيطة إنما هي الصورة الجسمية وأما النوعية فمحلها الجسم نفسه وإن كان يسمى من حيث توارد الصور عليه هيولي ومادة قلنا الصورة النوعية وإن لم تكن داخلة في قوام الجسم المطلق فهي داخلة في أنواعه من الفلكيات والعنصريات وسيجئ ان محلها أيضا هو الهيولي وعند الأقدمين من الحكماء الجوهر إن كان متحيزا فجرماني وهو الجسم لا غير إذ لا يثبت وجود جوهر حال هو الصورة وآخر محل هو الهيولي وإنما الهيولي اسم للجسم من حيث قبوله للأعراض المحصلة للأجسام المتنوعة والصورة اسم لتلك الأعراض وإن لم يكن متحيزا فروحاني وهو النفس والعقل (قال تنبيه) قد سبق أن الموضوع هو المحل المقوم للحال فيكون المحل أعم منه وإن الحال قد يكون جوهرا كالصورة وقد يكون عرضا فيكون أعم من العرض وأن العرض لا يقوم بنفسه فلا يقوم غيره وإن جاز كونه محلا للعرض بمعنى الاختصاص الناعت فيكون بين العرض والموضوع مباينة كلية واما بين العرض والمحل فعموم من وجه لتصادفهما في عرض يقوم به عرض وتفارقهما حيث يكون المحل جوهرا أو يكون العرض مما لا يقوم به شيء فإن قيل استناد العرض إلى محل يقومه ضروري وهو معنى الموضوع فالعرض الذي يقوم به عرض يكون موضوعا فلا يكون بينه وبين الموضوع مباينة قلنا استناده إلى الموضوع يجوز ان يكون بواسطة هي العرض والمحل الأولي الذي يتصف بها كاستناد السرعة إلى الجسم بواسطة الحركة فلا يلزم من لزوم استناده إلى الموضوع أن يكون محله الأول موضوعا (قال وقد توهم) لما كان معنى الموضوع هو المحل المقوم للحال ومعنى الجوهر هو ما يقوم بنفسه لا بغيره كان استغناؤه عن الموضوع ظاهرا إلا أنه قد يوهم اختصاص ذلك بجزئيات الجواهر دون كلياتها لوجهين أحدهما أنها مفتقرة في الوجود إلى أشخاصها التي هي موضوعات لها لكونها محمولة عليها بالطبع وثانيهما أنها صورة قائمة بالنفس لا قوام لها من حيث هي كليات بدونها ورد الأول بأنه غلط من جهة اشتراك لفظ الموضوع بين المحكوم عليه في القضية وبين المحل المقوم للحال والشخص إنما يكون موضوعا للكلي بالمعنى الأول دون الثاني ورد الثاني بأن معنى كون الصور جواهر أنها في ذاتها طبايع إذا وجدت في الخارج
(٢٨٧)