شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٨٩
أن يراد بالطويل مثلا ما يكون الطول أي الامتداد المفروض أو لا عارضا له فلا يشمل الجسم التعليمي لأن هذه الأبعاد أجزاؤه واعترض بأن الخاصة إنما تصلح للتعريف إذا كانت شاملة لازمة وهذه ليست كذلك أما الشمول فلأنه لا خط بالفعل في الكرة ولا سطح فيما يعرض من الجسم الغير المتناهي فإنه جسم وإن امتنع بدليل من خارج بخلاف ما إذا فرض أربعة ليست بزوج فإن الزوجية من لوازم الماهية وأما اللزوم فلأن الشمعة المعينة قد يجعل طولها تارة شبرا وعرضها أصابع وتارة ذراعا وعرضها أصبعا فيزول ما فيها من الأبعاد مع بقاء الجسمية وأجيب بعد تسليم أن انتفاء الخط والسطح بالفعل يستلزم عدم اتصاف الجسم بالطول والعرض والعمق بأن المراد قبول تلك الأبعاد وإمكانها وهذه خاصة شاملة لازمة على أن ما ذكر من زوال مقدار وحدوث آخر مما لا يثبت له عند المتكلمين بل الجواهر الفردة هي التي تنتقل من طول إلى عرض ولو سلم فالمراد مطلق الأبعاد وهي لازمة وإنما الزوال للخصوصيات فإن قيل على تقدير نفي المقادير فالطول خاصة للجسم وعلى تقدير إثباتها فالجوهر الطويل فأي حاجة إلى ذكر العرض والعمق قلنا إنما يصح ذلك لو كان كل منقسم جسما حتى المؤلف من جزئين وهم لا يقولون بذلك بل عند النظام أجزاء كل جسم غير متناهية وعند الجبائي أقلها ثمانية بأن يوضع أربعة بحيث يحصل مربع ثم فوقها أربعة كذلك وعند أبي الهذيل ستة بأن يوضع ثلاثة ثم ثلاثة وقيل الأربعة بأن يوضع جزآن وبجنب أحدهما في سمت آخر جزء آخر وفوق أحد الثلاثة جزء آخر وإنما لم يفرض بالثلاثة على وضع المثلث والثالث على ملتقاهما بحيث يحصل مكعب لأن جواز ذلك عندهم في حيز المنع لاستلزامه الانقسام على ما سيجيء وبالجملة فالجوهر المركب الذي يكون عدد أجزائه أقل من أدنى ما يصح تركب الجسم منه أو يكون تركب أجزائه على سمت واحد فقط وهو المسمى عندهم بالخط وفي سمتين فقط وهو المسمى بالسطح يكون واسطة بين الجسم والجوهر الفرد ويجب الاحتراز عنه بقيد العرض والعمق (قال وعند الفلاسفة) التعريف السابق هو الذي ذكره قدماء الفلاسفة وحين ورد على ظاهر فإنه لا بد من ذكر الجوهر احترازا عن الجسم التعليمي وأنه لا عبرة بوجود الأبعاد بالفعل صرح أرسطو وشيعته بالمقصود فقالوا هو الجوهر القابل للأبعاد الثلاثة أي الذي يمكن أن يفرض فيه أبعاد ثلاثة وزاد بعضهم قيد التقاطع على زوايا قائمة ومعنى ذلك أنه إذا قام خط على آخر فإن كان قائما عليه أي غير مائل إلى أحد جانبيه فالزاويتان الحادثتان تكونان متساويتين وتسميان قائمتين وإن كان مائلا فلا محالة تكون إحدى الزاويتين أصغر وتسمى حادة والأخرى أعظم وتسمى منفرجة فإذا فرضنا في الجسم بعدا كيف اتفق ثم آخر بقاطعة في أي جهة شئنا بحيث تحصل أربع قوائم ثم ثالثا يقاطعهما بحيث تحصل منه بالنسبة إلى كل من الأولين أربع قوائم وهذا الثالث متعين لا يتصور فيه التعدد فهذا معنى تقاطع الأبعاد على زوايا قائمة وهذا
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»