شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٨٤
تعقل كل منهما بدون الآخر ولو في التضايف قال وما تقرر إشارة إلى وجه التوفيق بين قولهم أن الإضافات في نوعيتها تبع لمعروضاتها وقولهم أن تنوع المعروضات لا يوجب تنوع العوارض لكن لا يخفى ما فيه من أخذ المعروض في موافقة الإنسانين في البياض تارة الإنسان وتارة البياض قال ومنها المتى كما أن الأين هو النسبة إلى المكان لا المكان نفسه كذلك المتى هو النسبة إلى الزمان إلا أنها قد تكون بوقوع الشيء فيه وقد تكون بوقوعه في طرفه الذي هو الآن فإن كثيرا ما يسئل عنه بمتى قد يقع في الآن كالوصول إلى منتصف المسافة ميلا والوقوع في الزمان قد يكون بأن يكون للشيء هوية اتصالية ينطبق على الزمان ولا يمكن أن يتحصل إلا فيه وهو معنى الحصول على التدريج وذلك كالحركات وما يتبعها كالأصوات وقد يكون بمعنى أنه لا يوجد في ذلك الزمان آن إلا ويكون ذلك الشيء حاصلا فيه فيكون حصوله دفعة لكن على استمرار الآنات وينقسم إلى ما يكون حاصلا في الآن الذي هو طرف حصوله كالكون وإلى مالا يكون حاصلا في ذلك كالتوسط أعني كون المتحرك على المسافة فيما بين طرفيها (قال وهذا تصريح) يريد أن ما ذكروا من وقوع بعض الأشياء في الآن الذي هو طرف للزمان بمنزلة النقطة للخط يدل على أنه موجود لامتناع وقوع الشيء فيما لا وجود له لكن لا خفاء في أنه لا تحقق لطرف الشيء في الخارج إلا بعد انقطاعه وانقسامه بالفعل والزمان إنما ينقسم بالوهم والفرض فقط وأيضا لو وجد الآن ولا شك أنه على الانقضاء دون البقاء وحدوث عدمه لا يكون إلا في آن يلزم تتالي الآنين وجوابهم بأن عدمه يكون في جميع الزمان الذي بعد الوجود لكن لا على التدريج ليصير الآن زمانيا بل بمعنى أنه لا يوجد في ذلك الزمان آن إلا وذلك العدم حاصل فيه على ما مر لا يدفع الإشكال لأن الكلام في حدوث العدم وهو آني وكون هذا الآن مغاير الآن الوجود ضروري (قال ثم المتى كالأين حقيقي) وهو كون الشيء في زمان لا يفضل عليه ككون الكسوف في ساعة معينة وغير حقيقي وهو بخلافه ككون الكسوف في يوم كذا أو شهر كذا إلا أن الحقيقي من المتى يجوز فيه الاشتراك بأن يتصف أشياء كثيرة بالكون في زمان معين بخلاف الأين وهو ظاهر (قال ومنها الوضع وهو) هيئة تعرض للجسم باعتبار نسبة أجزائه بعضها إلى البعض بحيث تتخالف الأجزاء لأجلها بالقياس إلى الجهات في الموازاة والانحراف ونسبة أجزائه إلى أشياء غير ذلك الجسم خارجة عنه أو داخلة فيه كالقيام فإنه هيئة للإنسان بحسب انتصابه وهو نسبة فيما بين أجزائه وبحسب كون رأسه من فوق ورجله من تحت ولهذا يصير الانتكاس وصفا آخر فالمحيط على الإطلاق يكون له الوضع بحسب الأمور الداخلة فقط والمحاط على الإطلاق بالعكس وما هو محيط ومحاط فباعتبارين وحصول الوضع للجسم قد يكون بالقوة وقد يكون بالفعل وكل منهما قد يكون بالطبع كقيام الإنسان ولا بالطبع كانتكاسه ويجري فيه التضاد فإن القيام
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»