المختار فله أن يوجد الحركة في زمان والسكون في آخر مع كون المتحرك بحاله غاية الأمر أن جميع الحركات تكون قسرية بمعنى كونها بإيجاد الغير الثالث أنه لو كان البطء لتخلل السكنات لزم أن لا يقع الإحساس بشيء من الحركات التي تشاهد في عالم العناصر كعدو الفرس وطيران الطائر ومرور السهم وغير ذلك إلا مشوبة بسكنات هي اضعاف آلافها واللازم ظاهر الانتفاء وجه اللزوم أن تلك الحركات لا تقطع في اليوم بليلته إلا بعض وجه الأرض وجميع الأرض بالنسبة إلى الفلك الأعظم الذي يتم في اليوم بليلته دورة مما ليس له قدر محسوس وبالجملة ففي غاية الصغر فتلك الحركات في غاية البطء فيلزم أن تتخلل حركة الفرس مثلا سكنات بقدر زيادة حركة الفلك الأعظم على حركاته ويكون الحركات مغمورة لا يحس بها أصلا فيرى الفرس ساكنا على الدوام أو يحس بها في زمان أقل من زمان السكنات بتلك النسبة فيرى ساكنا أضعاف آلاف ما يرى متحركا لأن السكون وإن كان عدميا عندهم لكن لا خفاء في أن الجسم قد يرى ساكنا وقد يرى متحركا ويعرف الحس بين الحالين وأجيب بأن تخلل السكنات بين الحركات وامتزاجها بها ليس بحيث يفرق الحس بين أزمنتها بل صارتا بمنزلة شيء واحد لا أن الحركات لكونها وجودية تظهر على الحس شيئا فشيئا تبهر السكنات وتغلبها وإن كانت السكنات في غاية الكثرة فيرى الفرس متحركا على الدوام ولا يخفى على المنصف قوة الأدلة وضعف الأجوبة (قال ثم كل من السرعة والبطء قابل للشدة والضعف) لا خفاء في ذلك لكن هل ينتهيان إلى حد حتى تتحقق حركة سريعة لاحظ لها من البطء وبطيئة لاحظ لها من السرعة أم لا بل لكل حركة حظ من السرعة بالنسبة إلى ما هو أبطأ ومن البطء بالنسبة إلى ما هو أسرع فيه تردد والأشبه بأصولهم هو الثاني لأن الحركة لا تكون بدون زمان ومسافة أي امتداد في إحدى المقولات الأربع وكل منهما ينقسم لا إلى نهاية وكل حركة تعرض فهي بالنسبة إلى ما يقطع تلك المسافة في نصف ذلك الزمان بطيئة وبالنسبة إلى ما يقطع في ذلك الزمان نصف تلك المسافة سريعة لكن ميل الإمام إلى الأول تمسكا بأنهما لو لم ينتهيا إلى حد لما كان بينهما غاية الخلاف فلم يتحقق التضاد فلم تتصور الشدة والضعف لكونه انتقالا من ضد إلى ضد وضعفه ظاهر وقد يتمسك بأن انقسام الزمان والمسافة قد ينتهي إلى مالا تمكن الحركة في أقل منه وإن كان قابلا للقسمة بحسب الفرض وحينئذ تتحقق بحسب ذلك الزمان سرعة بلا بطء وبحسب تلك المسافة بطء بلا سرعة وهو أيضا ضعيف لأن تلك السريعة بطيئة بالنسبة إلى ما يقطع في ذلك الزمان ضعف تلك المسافة وتلك البطيئة سريعة بالنسبة إلى ما يقطع تلك المسافة في ضعف ذلك الزمان نعم لما كانت الأبعاد متناهية فقطع أطول مسافة في أقصر زمان ربما يخلو عن البطء وأما كون حركة الفلك الأعظم أسرع الحركات فإنما هو بالنسبة إلى
(٢٧٦)