شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٧٩
ظاهر البطلان وإما قسريا والتقدير عدم القاسر إلى السكون وأجيب بأن تعادل القوتين قاسر إلى السكون إلى أن تغلب الطبيعة وفي كلام ابن سينا أن القوة القاسرة مسكنة للجسم في بعض الأحياز وإلى أحد هذين المعنيين ينظر ما قال الإمام أن هذا السكون لما كان ضروري الحصول لم يستدع علة كسائر اللوازم الثالث أنه لو لزم لضرورة تعادل القوتين أو استحالة تتالي الآنين امتنع كونه في زمان ما لأن كل زمان نفرض فأقل منه كاف في دفع تلك الضرورة وأجيب بأنه يقع في زمان لا يقبل الانقسام إلا بمجرد الوهم لأنه الذي يمتنع أن يكون بعضه مقدارا للسكون وبعضه لا الرابع أنه يستلزم وقوف الجبل الهابط بملاقاته الخردلة الصاعدة وأجيب بأن الخردلة ترجع بمصادمة ريح الجبل فسكونه يكون قبل ملاقاة الجبل فإن قيل قد نشاهد أن الملاقاة كانت حال الصعود دون الرجوع كما في السهم الصاعد بل كما في حركة اليد إلى فوق فإنه نعلم قطعا أن الرجوع لم يكن إلا بعد الملاقاة قلنا لو سلم فوقوف الجبل مستبعد لا مستحيل (قال المبحث السابع قد يكون للجسم حركتان إلى جهة) واحدة كالمتحرك في السفينة إلى الصوب الذي تتحرك اليد السفينة فيبعد عن المبدأ بقدر الحركتين وإلى جهتين متقابلتين كالمتحرك في السفينة إلى خلاف جهتها فإن لم يكن لإحدى الحركتين فضل على الأخرى يرى الشخص ساكنا في المبدأ وإن كان فإما لحركة السفينة فيرى بطيئا أو لحركة الشخص فيرى راجعا وعلى هذا تبين سرعة الكوكب وبطؤه ووقوفه ورجوعه إلى جهتين غير متقابلتين كالمتحرك شمالا في سفينة تجري شرقا فيبعد إلى الجهتين بقدر الحركتين وقد يتحرك الجسم إلى جهات مختلفة كحركة الشخص شرقا في سفينة تدفع شمالا في ماء يجري غربا وبحركة الريح جنوبا فيكون متوسطا بين تلك الجهات على حسب ما تقتضيه الحركات (قال المبحث الثامن السكون) يقابل الحركة فيقع في المقولات الأربع أما في الأين فنعني به حفظ النسب الحاصلة للجسم إلى الأشياء ذوات الأوضاع بأن يكون مستقرا في المكان الواحد وأما في الثلاثة الباقية فنعني به حفظ النوع الحاصل بالفعل من غير تغير وذلك بأن يقف في الكم من غير نمو وذبول أو تخلخل وتكاثف وفي الكيف من غير اشتداد أو ضعف وفي الوضع من غير تبدل إلى وضع آخر فهو بهذا المعنى أمر وجودي مضاد للحركة وقد يراد به عدم الحركة عما من شأنه فيكون بينهما تقابل العدم والملكة وبقيد عما من شأنه يخرج عدم حركة الأعراض والمفارقات والأجسام في آن ابتداء الحركة أو انتهائها بل في كل آن وكذا الأجسام التي يمتنع خروجها عن أحيازها ككليات الأفلاك والعناصر قال الإمام ومن الأجسام الخالية عن الحركة والسكون الأجسام التي لا تماسها ما يحيط بها أكثر من آن واحد كالجسم الواقف في الماء السيال فإنه ليس بمتحرك لعدم تبدل أوضاعه بالنسبة إلى الأمور الخارجة عنه ولا ساكن لعدم استقراره في مكان واحد زمانا وفيه
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»