شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٨١
المركبات أسهل وفسروا المضاف على ما يعم الحقيقي والمشهوري بما تكون ماهيته معقولة بالقياس إلى الغير وأرادوا بالغير أمرا آخر تكون ماهيته معقولة بالقياس إلى الأول وهذا معنى تكرر النسبة فيخرج سائر الأعراض النسبية ومعنى تعقل ماهيته بالقياس إلى الغير أن تعقلها لا يتم إلا بتعقله حتى أن تعقل المضافين معا لا تقدم لأحدهما على الآخر فيخرج ما يكون تعقله مستلزما ومستعقبا لتعقل شيء آخر كالملزومات البينة اللوازم على أن هذا إنما يتوهم وروده إذا كان تعقل اللوازم أيضا مستلزما لتعقل الملزومات وما ذكر في المواقف من أنه ليس معنى قولهم تعقل ماهيته بالقياس إلى الغير أنه يلزم من تعقله تعقل الغير فإن اللوازم البينة كذلك محمول على حذف المضاف أي ملزومات اللوازم أو على أن ذلك إشارة إلى الغير بمعنى أن اللوازم البينة من قبيل الغير الذي يلزم من تعقل الملزوم تعقله وإن لم يكن الملزوم مضافا (قال وهذا) أي الذي ذكرنا من معنى تكرر النسبة هو معنى وجوب الانعكاس أي يحكم بإضافة كل من المضافين إلى الآخر من حيث هو مضاف فكما يقال الأب أب الابن يقال الابن ابن الأب وأما إذا لم تعتبر الحيثية لم يتحقق الانعكاس كما إذا قيل الأب أبو إنسان لم يكن الإنسان مضافا إلى الأب فلا يقال إنسان أب وطريق معرفة الانعكاس أن ينظر في أوصاف الطرفين فما كان بحيث إذا وضعته ورفعت غيره بقيت الإضافة وإذا رفعته ووضعت غيره لم تبق الإضافة فهو الذي إليه الإضافة مثلا إذا اعتبرت من الابن البنوة مع نفي سائر الصفات بل الذاتيات كان الأب مضافا إليه وإذا رفعت البنوة مع اعتبار البواقي لم تتحقق الإضافة ثم الانعكاس قد لا يفتقر إلى اعتبار حرف النسبة كالعظيم والصغير وقد يفتقر إما على تساوي الحرف في الجانبين كقولنا العبد عبد للمولى والمولى مولى للعبد أو على اختلافه كقولنا العالم عالم بالمعلوم والمعلوم معلوم للعالم قالوا وعدم الافتقار إنما هو حيث يكون للمضاف بما هو مضاف لفظ موضوع وفيه نظر (قال والنسبتان) يعني أن النسبة التي هي المضاف الحقيقي قد تكون متوافقة في الجانبين كالأخوة وقد تكون متخالفة كالأبوة والبنوة والاختلاف قد يكون محدودا كما في الضعف والنصف وقد لا يكون كما في الزائد والناقص والتعبير عن المضافين قد لا يفتقر إلى حرف نسبة وذلك حيث يكون لكل منهما لفظ موضوع يدل بالتضمن على الإضافة مثل الأب والابن والعبد والمولى وما أشبه ذلك وقد يفتقر في ذلك حيث تنتفي تلك الدلالة في المضاف إليه مثل جناح الطير فيعبر عنه بذي الجناح أو في المضاف كعلم العالم فيعبر عنه بما للعالم وعروض الإضافة قد يفتقر إلى حصول صفة في كل من الطرفين كالعاشقية إلى الإدراك والمعشوقية إلى الجمال أو في أحدهما كالعالمية إلى العالم بخلاف المعلومية وقد لا يفتقر أصلا كما في المتيامن والمتياسر فإن الاتصاف
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»