هو المستفاد من القضية التي من قبيل المتواترات المتنازع في أنه ضروري أو غير ضروري والعلم بأن البينة تجب على المدعي كسبي مستفاد من ترتيب المقدمتين أعني أن هذا خبر النبي عليه السلام وكل ما هو خبر النبي عليه السلام فمضمونه حق لما ثبت من صدقه بدلالة المعجزات وما يقال أن هذا الحديث متواتر فمعناه أن الخبر بكونه كلام النبي صلى الله عليه وسلم متواتر سواء كان هو في نفسه خبرا أو إنشاء (قال وأما المنكرون) قد ثبت اتفاق أهل الحق على أن الحسيات والبديهيات مبادئ أول لما يقوم حجة على الغير وأنكر ذلك جماعة فمنهم من قدح ذلك في الحسيات وحصرالمبادىء الأول في البديهيات ومنهم من عكس ومنهم من قدح فيهما جميعا ولكل من الفرق شبه وقد أطنب الإمام فيها بتكثير الأمثلة ونسب القول بعدم كون الحسيات من اليقينيات إلى أكابر الفلاسفة ورد بأن أكثر علومهم اليقينية مبنية عليها والمبادىء أول الضرورية مستندة إليها على ما صرحوا بأن مبادئ المجربات والمتواترات والحدسيات هي الإحساس بالجزئيات وأن الأوليات يكتسبها الصبيان باستعداد يحصل لعقولهم من الإحساس بالجزئيات فكيف ينسب إليهم القول بأنها ليست يقينية واعتذر بأن المراد أن جزم العقل بالأحكام المأخوذة من الحس قد تتوقف على شرائط ربما لا يعلم ما هي ومتى حصلت وكيف حصلت فلذلك جعلوا لبيان مواضع الغلط في المحسوسات وإن أي أحكامها تكون يقينية وأيها تكون غير يقينية صناعة المناظر كما جعلوا لبيان ذلك في المعقولات صناعة سوفسطيقا وما ذكر في تلخيص المحصل من أنه لا حكم للحس لأنه ليس من شأنه التأليف الحكمي بل الإدراك فقط وإنما الحكم للعقل ليس رد الكلام الإمام بالمناقشة في أن الحاكم هو الحس أو العقل بواسطته بل لما رتب عليه من المقصود حيث قال فالمحسوس من حيث أنه محسوس لا يوصف بكونه يقينيا أو غير يقيني وإنما يوصف به من حيث مقارنته لحكم العقل وحينئذ يصير المعنى أن أحكام العقل في المحسوسات ليست بيقينية لما قد يقع فيها من الغلط وهذا لا يختص بالمحسوسات لأن المعقولات الصرفة أيضا قد يقع فيها الغلط ولا تصح نسبته إلى الحكماء لتصريحهم بخلاف ذلك نعم لما ذكر الإمام أنه ثبت بما ذكر من الشبه أن حكم الحس قد يكون غلطا فلا بد من حاكم آخر فوقه يميز صوابه عن خطأه فلا يكون الحس هو الحاكم الأول رده بأن الحس ليس بحاكم أصلا بل الحاكم في الكل هو العقل وأما اشتغاله ببيان أسباب الغلط فيما أورده الإمام من الصور فقد اعترف بأنه تنبيه لمن يثق أو يعترف بالوثوق على الأوليات والمحسوسات ببيان التقصي عن مضايق مواضع الغلط ثم إحالة تصويب الصواب وتخطئة الخطاء إلى صريح العقل من غير افتقار إلى دليل في الوثوق بالمحسوسات ولا جواب عن شيء من الشكوك ولا تأمل في الأسباب وحصرها وانتفائها ونحو ذلك وحاصل الشكوك أنه لا وثوق على حكم الحس أما في الكليات
(٢٧)