قولهم في المحدود إجمال وفي الحد تفصيل ولا امتناع في أن يكون تصور المجموع مترتبا على مجموع التصورات ومسببا عنها فإن قيل إذا كان مجموع التصورات مفضيا إلى تصورات المجموع فإن كانت حاصلة كان هو أيضا حاصلا من غير أثر للنظر والاكتساب وإن لم تكن حاصلة لم يصلح معرفا بل تكون مطلوبة وينقل الكلام إلى ما يحصلها وكذا الكلام في التعريف ببعض الأجزاء أو بالخارج بل في اكتساب التصديقات قلنا يجوز أن تكون الأجزاء معلومة منتشرة في سائر المعلومات فيفتقر إلى النظر لاستحضارها مجموعة مترتبة بحيث تفضي إلى تصور الماهية وهذا معنى الاكتساب وحاصله عائد إلى تحصيل الجزء الصوري وعلى هذا فقس وقال في المواقف قدحا في قولهم لمجموع التصورات يحصل تصورالمجموع والحق ان الأجزاء إذا استحضرت مترتبة حتى حصلت فهي الماهية لا أن ثمة حصول مجموع يوجب حصول شيء آخر هو الماهية وهذا كالأجزاء الخارجية إذا حصلت كانت نفس المركب الخارجي لا أمرا يترتب عليه المركب وظاهره غير قادح لأنهم لا يدعون أن مجموع الأجزاء أمر يوجب حصوله حصول أمر آخر هو الماهية بل إنه يجوز أن يكون تصورات الأجزاء أمرا يوجب حصول أمر آخر هو تصور المجموع أعني تصور الماهية فإن أراد نفي ذلك فباطل لا يشهد له ضرورة ولا برهان بل يكذبه الوجدان ولا عبرة بالقياس على الوجود الخارجي لأنه لا حجر في تصرفات العقل فله أن يلاحظ الموجود الواحد تارة جملة وتارة شيئا فشيئا ولم يزد في حل الإشكال على أن قال الحد مجموع الأمور التي كل واحد منها مقدم ولا يجدي نفعا لأن المحدود أيضا كذلك فلا بد في بيان المغايرة والسببية من أن يقال تلك الأمور من حيث الملاحظة تفصيلا حد وإجمالا محدود وهو معنى كلامهم وأما عن الثاني فبإنا لا نسلم أن معرف الماهية يجب أن يعرف شيئا من أجزائها لجواز أن تكون الأجزاء معلومة وتفتقر إلى حضورها مجموعة مترتبة ممتازة عما عداها ويكون ذلك بالمعرف وحاصله أن الماهية وإن كانت نفس الأجزاء بحسب الذات لكن لا يلزم أن يكون العلم بها هو العلم بالأجزاء بمعنى التصورات المتعلقة بها بل لا بد من ملاحظتها مجتمعة متميزة عن الأغيار ويجوز أن تبقى الأجزاء مجهولة ويفيد المعرف تصورالماهية بوجه يمتاز عما عداها من غير إحاطة بحقيقة شيء من الأجزاء ولو سلم فيجوز أن يكون الجزء المعرف نفس المعرف بالذات ويعود التغاير إلى الإجمال والتفصيل كما في تعريف الماهية بأجزائها أو غيره ويصح التعريف بالخارج على ما سيجيء وبما ذكرنا يندفع ما يقال أن جميع أجزاء الماهية نفسها فكيف لا يكون العلم بها علما بها وأن معرف الشيء سبب لمعرفته أي حصوله في الذهن فكيف لا يحصل شيئامن أجزائه وإن علة حصول الشيء لو لم تكن علة لشيء من أجزائه لجاز حصول كل جزء بدونه فجاز حصول الكل بدونه فلم يكن
(٢٣)