ومن هذه القضايا ما ينسب إلى الشيعة من أنهم ينكرون شيئا من القرآن أو يعتقدون نقصه إلى آخر ما حشيت به بعض الكتب، مع أنها ليست آراء للمذهب ولا يقول بها علماؤهم. فالتحقيق إن هذه أقوال منثورة في بعض كتبهم كما يوجد في بعض كتب أهل السنة نظيرها، مع أن علماءها ومحققيها مجمعون على بطلانه. أما لماذا وجدت هذه الآراء في بعض كتبهم؟ فللحق والعدالة يجب أن نرجع إلى الماضي لنستخلص منه الحاضر.
فمع الأسف كان التأليف القديم يحرص على ذكر كل الآراء وتسجيلها ولو تبين بطلانها، حرصا على الأمانة العلمية فيما يظنون، وذكرت هذه الآراء في بعض الكتب وهي لا تمثل المذهب، وينكرها جميع العاملين. ويبرأون منها، ويطعنون عليها بالبطلان " (١).
التقية التقية تعني: إظهار خلاف الواقع في الأمور الدينية بالقول أو الفعل لحفظ النفس أو المال أو العرض، وقد عرفها الشيخ الأنصاري في كتابه (المكاسب) بأنها " التحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق " (٢).
قال الرافعي: " والتقية عمل مشروع في الإسلام كما كان مشروعا من قديم الزمان لدى جميع الشعوب والأمم والأديان، ودليل مشروعيتها: الكتاب والسنة والعقل.
فدليلها في القرآن قول الله تعالى: ﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة﴾ (3).