الناس جميعا (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) فدل هذا على أن هناك حشرين، حشر يحشر الله فيه من كل أمة فوجا وهو الرجعة، وحشر للناس جميعا وهو يوم القيامة، ولا يمكن تفسير الحشر الأول بيوم القيامة لأننا سنوقع التناقض في حق الله، فكيف يقول عز وجل: سنحشر من كل أمة فوجا يوم القيامة، وسنحشر الناس جميعا يوم القيامة؟!
وقد قال الحافظ جلال الدين السيوطي بالرجعة لكن بمعنى مختلف عن الذي تقول به الإمامية. فقد ادعى إمكانية رؤية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في اليقظة وألف رسالة في ذلك هي:
(إمكان رؤية النبي والملك في اليقظة) وادعى السيوطي رؤيته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بضعا وسبعين مرة كلها في اليقظة!
واعتقاد السيوطي هذا شبيه باعتقاد الشيعة بالرجعة وقوله برجوع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في اليقظة لا يختلف عن قول الشيعة برجوع بعض الأموات إلى الحياة. فلماذا يشنع على الشيعة لاعتقادهم بالرجعة ولا يشنع على السيوطي؟! بل إنه ما زال محل احترام وتقدير من جميع المذاهب.
فكل من يطعن بعقيدة الشيعة في الرجعة فهو طاعن بالسيوطي الملقب بشيخ الإسلام! وحين تكلم محمد بن علي الصبان - وهو من أهل السنة - عن طرق معرفة عيسى (عليه السلام) الأحكام الإسلامية بعد ظهوره قال: "... ومنها - أي الطرق - أن عيسى إذا نزل يجتمع به (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا مانع من أن يأخذ عنه ما يحتاج إليه من أحكام شريعته " (1).
وقول الصبان هذا يعني رجعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فماذا يفرق عن قول الشيعة برجوع المؤمنين والكافرين ممن محضوا الإيمان والكفر محضا؟
ومسألة الرجعة ليست بذاك الحجم، فهي ليست من أصول الدين كما يزعم بعضهم، فمن اعتقدها فله ذلك، ومن لم يفعل فلا تثريب عليه.