ولا المفهوم الذي قصدوه منه. بل بالغ خصوم الشيعة في توجيه النقد إليهم والتشنيع عليهم بسببه، حتى غدا البداء واحدا من الفوارق المذهبية التي باعدت بين الإمامية وبين سواهم " (1).
" والبداء في الإنسان: يبدو له رأي في الشئ لم يكن له ذلك الرأي سابقا، بأن يتبدل عزمه في العمل الذي كان يريد أن يصيغه، إذ يحدث عنده ما يغير رأيه وعلمه به، فيبدو له تركه بعد أن كان يريد فعله، وذلك عن جهل بالمصالح وندامة على سبق منه.
والبداء بهذا المعنى يستحيل على الله تعالى، لأنه من الجهل والنقص، وذلك محال عليه تعالى، ولا تقول به الإمامية. قال الصادق (عليه السلام): " من زعم أن الله تعالى بدا له في شئ بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم "، وقال أيضا: " من زعم أن الله بدا له في شئ ولم يعلمه أمس فابرأ منه ".. " (2).
" والبداء عند الإمامية هو الزيادة في الآجال والأرزاق، والنقصان منها بالأعمال " (3).
لقد زعم بعض الكتاب أن البداء الذي تقول به الإمامية، هو الظهور لله ما كان خافيا عنه! قالوا هذا إما جهلا أو عمدا، وهذا قول باطل لا تقول به الإمامية وحاشا لله من هذا الشطط " ولكن البداء (وفق مفهوم الشيعة) يعني (الإظهار بعد الإخفاء) وليس (الظهور بعد الخفاء) (4).
وعبارة (الإظهار بعد الإخفاء) كافية لتعطينا حقيقة البداء. إن البداء نسخ في التكوين لمصلحة معينة كما هو النسخ في التشريع. وهذه عقيدة إسلامية لا غبار عليها ولكن ما نقول لمن يصرون على وضع الغبار عليها؟