التي ترك الناس عليها؟! أم أن تشريع عمر أمثل من تشريع الله؟ إن عمر نفسه اعتقد بذلك. ألا ترى قوله: " لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد كان أمثل "؟! فتشريعه هذا أمثل من تشريع الله، وأهل السنة اعتقدوا بذلك حين اتبعوا تشريع عمر هذا.
الطلاق الثلاث كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوقع الطلاق الثلاث في مجلس واحد، طلقة واحدة. فعن ابن عباس قال: " طلق ركانة زوجته ثلاثا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنا شديدا، فسأله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " كيف طلقتها "؟ قال ثلاثا. قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " في مجلس واحد "؟
قال: نعم. قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " فإنما تلك واحدة، فارجعها إن شئت " (1).
واستمر الأمر هكذا على عهد الرسول واستقر على هذا التشريع، ولكن عمر، في عهده، جعل طلاق الثلاث بلفظ واحد، ثلاث طلقات.
عن ابن عباس قال: " كان الطلاق على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم " (2).
هذه قضية أخرى لم يسلم عمر فيها للنص، فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال " إنما تلك واحدة "، وعمر جعلها ثلاثا. وجمهور أهل السنة، ومنهم الأئمة الأربعة، اتبعوا قول عمر، خلافا للرسول. ولكن هل يرضي هذا العمل رسول الله؟ يجيبنا عن ذلك رسول الله نفسه. جاء في سنن النسائي بالإسناد إلى محمود بن لبيد قال: " أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا. فقام (صلى الله عليه وآله وسلم) غضبانا، ثم قال: " أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم "؟ حتى قام رجل وقال: يا رسول الله ألا أقتله " (3).