وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٣٣٤
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا علي ستقاتلك الفئة الباغية، وأنت على الحق، فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني " (١).
فيجب علينا البراءة من هذه الفئة الباغية - معاوية وحزبه - امتثالا لأمر الله ورسوله. ولو أن هذه الفئة الباغية فاءت إلى أمر الله، وسلمت القيادة لإمامها الشرعي، لقلنا عسى، ولكنها لجأت للمكر والدهاء، ورفضت حكم الله الذي دعا إليه علي بادئ الأمر (٢)، ولما رأوا الموت أمام أعينهم، رفعوا القرآن فوق الرماح لينجوا ﴿فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا﴾ (3) هذا هو حال هذه الفئة، فهي لم تلجأ لحكم الكتاب، وانما اتخذته وسيلة خداع، للوصول إلى المآرب الخبيثة والكل يعرف هذا.
فكل من يتولى هذه الفئة الباغية، فقد خالف أمر الله (فقاتلوا التي تبغي) يقول القرطبي: " في هذه الآية دليل على وجوب قتال الفئة الباغية " (4).
ولتقريب هذا الكلام نقول: اجعل نفسك - أخي المسلم - تعيش في عهد الصحابة وطلب منك الالتحاق بعلي، أو معاوية، في صفين فأيهما تختار؟! إن قلت معاوية فقد خالفت أمر الله ورسوله في وجوب قتال الفئة الباغية. فلا بد أنك ستذهب مع علي امتثالا لأمر الله ورسوله، عندئذ، ولو بدأ القتال وبرز لك معاوية فهل كنت ستقتله؟!! إن قلت: لا، فقد خالفت أمر الله ورسوله في وجوب نصرة علي (عليه السلام)، وقتال الفئة الباغية، فيبقى الوجه الآخر! فإذا أجزت لنفسك قتله في ذلك الموقف، فكيف تترضى عنه الآن وتدافع عنه؟! وهكذا اجعل موقفك في موقعة الجمل، فموقفك هناك هو الذي يجب أن يكون الآن، تماما كموقفك الآن من فرعون، فلو كنت مع موسى لحاربت فرعون ببدنك وقلبك.

١ - تاريخ دمشق: ابن عساكر: ج ٤٢. منتخب الكنز بهامش المسند: ٥ / ٣٢.
٢ - راجع تاريخ الطبري: ٦ / ٤.
٣ - غافر: ٨٤.
٤ - تفسير القرطبي: ١٦ / 317.
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 337 339 340 341 ... » »»