وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٣٥١
وها نحن الآن علمنا قول النبي من قال لا إله إلا الله... دخل الجنة، فلماذا لا نتكل عليها؟! ألأننا أكثر إيمانا من الصحابة؟ لا أعتقد أن أهل السنة يرضون بهذا. إذن، لماذا إذا سمع الصحابة ببشارة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اتكلوا عليها وإذا سمعنا نحن لم نتكل عليها؟!! فهل هناك جواب؟
والأدهى ما نسب للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من موافقته لعمر وقوله: " فخلهم " فهذه العبارة نسبت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حفاظا على كرامة عمر. وحاشا للنبي أن يرجع بكلامه، فكلامه كلام الله ﴿وما ينطق عن الهوى﴾ (١) ﴿إن اتبع إلا ما يوحى إلي﴾ (٢) ﴿وما أنا من المتكلفين﴾ (٣) وبما أن كلام النبي هو تعبير عن كلام الله، فلا يصح إرجاعه وتبديله لقول الله تعالى: ﴿ما يبدل القول لدي﴾ (4).
ولطالما بشر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الناس بأن من شهد الشهادتين، دخل الجنة. أخرج البخاري عن أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) قال: أتيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعليه ثوب أبيض وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ، فقال: " ما من عبد قال لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك، إلا دخل الجنة " (5).
وقد كرر النبي هذه البشارة على مسامع الصحابة، ومنهم: عمر وعثمان ومعاذ وعبادة بن الصامت وغيرهم (6).
فكيف يقتنع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بتبليغ هذه البشارة وهو يعرف أنها مدعاة للاتكال عليها، ثم يقوم بتبليغها.

١ - النجم: ٣.
٢ - يونس: ١٥.
٣ - سورة ص: ٨٦.
٤ - سورة ق: ٢٩.
5 - صحيح البخاري: كتاب اللباس، باب الثياب البيض.
6 - راجع صحيح مسلم في باب من لقي الله بالإيمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة، النص والاجتهاد: 180.
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»