وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٢٢٦
الإشكال الذي يرد الآن هو: كيف يختار الله لتبليغ دينه من ينسى ما ائتمنه عليه (1).
إن نظرة واحدة إلى أنبياء الله تكفي لإعطائنا فكرة واضحة عن صفات المبلغين عن الله. فلم يحدث أن عهد الله برسالته إلى إنسان علم أنه سينسى ما هو مأمور بتبليغه، فالله (2) وحفاظا على دينه من التغيير والنسيان اشترط العصمة في أنبيائه.
ومن يضمن لنا أن لا يكون زيد بن أرقم قد تحدث بعد أن كبر ونسي؟ أليس من الممكن أن يتحدث زيد بعد نسيانه؟ إذا جاز هذا فمن يضمن لنا أن لا تكون رواياته البالغة 70 رواية من هذا القبيل؟ نحن لا نعني جميعها، ولكن كل حديث ليس له شاهد نحتمل فيه أن يكون من نسيانه. فمن يستطيع أن يميز لنا روايات زيد قبل نسيانه من رواياته بعد نسيانه؟!
ولو افترضنا حل هذا الإشكال فماذا نفعل بالروايات المرسلة التي كان يأخذها الصحابة عن بعضهم البعض وينسبونها للنبي دون ذكر لاسم الصحابي الذي أخذوا عنه ؟! فكل حديث مرسل - ومراسيل الصحابة حجة - نحتمل فيه أن يكون مأخوذا عن زيد بن أرقم بعد نسيانه فماذا نفعل بهذه المعضلة؟!
الصحابة يخطئون في الجواب كان الصحابة يخطئون في فهم بعض الآيات القرآنية، وكانوا يخطئون في الإجابة عن المسائل الشرعية، وفي تنفيذ الحدود الشرعية. وكل هذه السلبيات مرفوعة عن حملة دين الله، فمن يتصدى لمهمة بيان الدين عليه أن يكون عارفا بجميع أحكام الإسلام، وعدم توفر هذه الصفة في شخص المرجع بعد النبي، فيه ما فيه من الخطورة على

1 - قد يقال: إن النسيان أمر ليس بيد الإنسان بل من الله، قلنا: هذا يعني أن الله قد أنسى زيدا ما حفظ عن النبي!! فلو اختار الله زيدا لتبليغ دينه لما أنساه ما وعى من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما هو واضح. وهذا ما يدفعنا للتأكيد على أن خليفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في التبليغ منزه عن النسيان لكيلا تنسى أحكام الإسلام.
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»