ماذا سيفعل المسلم للتأكد من سلامة تعبده ومعرفته بدينه؟ أيعتمد في ذلك على الروايات المنقولة من زاملتي عبد الله بن عمرو؟ ومن يدري؟ فلعل قسما من أحاديثه كان من زاملتيه، إذ ثبت انه كان يتحدث منهما. إن جعل عبد الله واسطة بيننا وبين النبي تجعلنا في ريب من مروياته، فهل هي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حقا أو من الزاملتين؟! فمن يريد لنا أن نأخذ عن عبد الله، عليه أن يفصل الروايات التي رواها عبد الله من أهل الكتاب عن الروايات التي رواها عبد الله عن النبي!!
لا أعتقد أن أحدا يستطيع بيان ذلك، وإن فعل فستبقى محاولته ناقصة وظنية...
ولا أعتقد أن الله يريد لنا أن نسلك هذا الطريق الوعر. فالله بلطفه أرسل لنا سفراء معصومين من الخطأ حتى تصل إلينا تعاليم السماء بصورة صحيحة.
فحاشاك ربي أن تترك دينك بين يدي عبد الله الذي يأخذ عن أهل الكتاب وبين يدي أبي هريرة، وأنس الذي اختلط عقله...
الصحابة ينسون لقد نسي بعض الصحابة ما أخذ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن هؤلاء زيد بن أرقم، فعن يزيد بن حيان قال: " انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين:... لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال: يا ابن أخي، والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... " (1).
إن زيد بن أرقم يعترف على نفسه أنه نسي بعض الذي كان يحفظه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو معدود من كبار الصحابة، فلابد من أن مثله الكثير.