وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٢٢١
وبعد هذا، هل يجيز المسلم لنفسه الاعتماد على هكذا رواة؟ وهل حدث في منطق الرسالات الإلهية أن بعث الله سفيرا قد اختلط عقله؟! فالحق أن المسلم الغيور على دينه لا يلج من هذا الباب بحثا عن الإسلام!
وروي أن الشافعي " أسر إلى الربيع أن لا تقبل شهادة أربعة من الصحابة، وهم:
معاوية، وعمرو بن العاص، والمغيرة، وزياد " (1)!!
أما الصحابة المشكوك في الثقة برواياتهم فهم كثر، ونكتفي هنا بواحد وهو أبو هريرة. وقد أنكر عليه السلف رواياته وشكوا في صحتها. قال له عمر: " لتتركن الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو لألحقنك بأرض دوس " (2) وقال له بعد أن ضربه بالدرة: " أكثرت يا أبا هريرة، وأحرى بك أن تكون كاذبا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (3).
وأرسل عثمان يقول لأبي هريرة: " لقد أكثرت، لتنتهين أو لألحقنك بجبال دوس " (4).
وقال علي (عليه السلام) فيه: " ألا اكذب الناس على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبو هريرة الدوسي " (5) وكان أبو هريرة يقول: " حدثني خليلي، ورأيت خليلي، وقال لي خليلي رسول الله، فبلغ عليا ذلك فقال له: متى كان النبي خليلك يا أبا هريرة؟! قال ابن قتيبة:
" وكان - علي - سئ الرأي فيه " (6).
وقال: خالفت عائشة أبا هريرة وأنكرت عليه في أكثر من موضع. ففي حديث من أصبح جنبا كذبته عائشة وكذا أم سلمة ورجع أبو هريرة إلى قولهما. وروى أبو هريرة

١ - تاريخ الطبري، ابن الأثير، ابن عساكر: ٢ / ٣٧٩، راجع شيخ المضيرة: ص ١٨٥.
٢ - أخرجه ابن عساكر: ٥ / ٢٣٩ حديث رقم ٤٨٨٥ من كنز العمال، البداية والنهاية: ٤ / ١٠٦، سير أعلام النبلاء: ٢ / ٦٠٠.
٣ - رواه الإسكافي، راجع " أبو هريرة "، شرف الدين: ص ١٩٥.
٤ - المحدث الفاصل، الرامهرمزي: ص ٥٥٤.
٥ - رواه أبو جعفر الإسكافي راجع أبو هريرة، شرف الدين: ص ١٩٥.
٦ - تأويل مختلف الحديث: ٤١، ولم ينكر ابن قتيبة كلام علي في أبي هريرة!
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»