وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ١٨٧
نحن لا نسلم بهذا، فالحديث في اصطلاح المحدثين هو: أقوال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخلقية والخلقية... " (1).
ولو افترضنا صحة ما يقولون، فهذا لا يحل من المشكلة شيئا، فقد سئل أحمد ابن حنبل في ستين ألف مسألة، فأجاب عنها بقوله: " أخبرنا وحدثنا " (2) ومن المعلوم أنه لا يصح الإجابة بالسند!
وسئل أحمد بن حنبل: " يكفي الرجل مائة ألف حديث حتى يفتي؟ قال: لا، حتى قيل: خمسمائة ألف حديث؟ قال: أرجو، كذا في: (غاية المنتهى) " (3).
فالمقصود بالخمسمائة ألف حديث هذه، خمسمائة ألف متنا وليس سندا، إذ لا يصح الإفتاء بالسند! وليس هو من فعل العقلاء، وقول أحمد هذا يدل على أن هناك أكثر من خمسمائة ألف متن فقهي، فأين هذه المتون؟!
وأجاب الأوزاعي في ثمانين ألف مسألة بما عنده من أحاديث وأخبار، فهل كان يجيب بالسند؟! وإذا قالوا: لا، قلنا: فأين هذه الثمانين ألف متن؟!!
وقد ورد في خلاصة التهذيب أن أحمد بن الفرات كتب ألف ألف وخمسمائة ألف حديث، وانتخب منها ثلاثمائة ألف في التفسير والأحكام والفوائد.
فالمفهوم من هذا الكلام: إن ابن الفرات انتخب ثلاثمائة ألف متن، إذ لا يصح تفسير آية أو الإجابة على مسألة بسند، فأين هذه الثلاثمائة ألف متن؟!!
وأجاب أبو بكر الباغندي عن ثلاثمائة ألف مسألة في حديث رسول الله (4)، فهل كانت إجاباته تتم بالأسانيد؟!!

1 - راجع الوسيط، أبي شهبة: ص 16.
2 - طبقات الحنابلة: 1 / 6.
3 - حجة الله البالغة: 1 / 150 والنص منه، إعلام الموقعين: 1 / 45.
4 - طبقات الحفاظ، الذهبي: ص 736. طبقات الحفاظ، السيوطي: ص 315. والميزان.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 193 ... » »»