كتب الصحاح والسنن على غير ما وردت عليه في الكتاب لئلا يكون بعض المحدثين الذين لم نطلع على كتبهم! رواها بسياق... " (1) وقال الكتاني عن أبي داود الطيالسي: " وله من الأحاديث التي لم تدخل هذا المسند - مسند أبي داود - قدره! أو أكثر!! وقد قيل: إنه كان يحفظ أربعين ألف حديث " (2).
إن عند الطيالسي من الأحاديث قدر مسنده، وقد بقيت في صدره وذهبت معه.
ومما يزيد يقينك بصحة ما توصلنا إليه، هو فقد خطب الجمع التي كان يلقيها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كل جمعة، فقد بقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب الجمعة لمدة عشر سنوات (3) ولو أحصينا عدد هذه الخطب في هذه المدة لبلغت 480 خطبة. فهل يوجد بين أيدينا نموذج واحد من هذه الخطب؟!
لقد سألت أكثر من واحد من أساتذتي في الحديث والدعوة عن إمكانية العثور على نموذج لخطبة من خطب الجمع التي كان يلقيها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكان جوابهم دائما: هناك خطبة حجة الوداع! (4).
إن هذه الخطب تحوي جميع معارف الإسلام من تشريع وعقائد وأخلاق، ولا بد أنها كانت تركز على دراسة الجانب السياسي في حياة المسلمين. أفلا يعتبر فقدها ضياع ثروة عظيمة من علوم الإسلام؟! ولو وجدت هذه الخطب لعكست لنا عقلية النبي العظيمة في كيفية تعامله مع أحداث عصره، وتحليلاته السياسية. ولكن الذي يبدو لي أن السياسة فيما بعد هي التي حرمتنا من هذه الخطب، لأمر يدركه كل لبيب.