وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ١٨٨
وهذا الحافظ ابن عقدة كان يجيب في ثلاثمائة ألف حديث من حديث أهل البيت، فهل كان يجيب بالأسانيد؟!
وقال ابن عقدة: " أحفظ مائة الف حديث بأسانيدها " (1)، ألا يكفي هذا القول حجة تسكت المعاندين!
وهذا أبو بكر الجعابي، يحفظ أربعمائة ألف حديث بأسانيدها ومتونها، كما في تاريخ ابن كثير (2). فعند الجعابي أربعمائة ألف متن بأسانيدها، فهل من الممكن أن يحضرها أحد المعاندين، لكي يؤدي بذلك خدمة للعالم الإسلامي؟
وهذا الذي يعتبر مئات الآلاف من الأحاديث مجرد أسانيد لمتون، هلا قال لنا:
أين ذهبت هذه الأسانيد؟! قال ابن المبارك: " الإسناد من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء، ما يشاء " أخرجه مسلم.
وقال الثوري: " الإسناد سلاح المؤمن " وقال الأوزاعي: " ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد " (3) حقا لو وجدت هذه الأحاديث - إن كانت أسانيد - لغيرت الكثير وأفادت العلماء كثيرا. فبها يعرف محل كل حديث من الغرابة والاستفاضة، ولاستفدنا منها كمتابعات وشواهد. وإذا كان للمتن - كما يقال - أكثر من خمسين طريقا فهذا يعني أن الأحاديث التي هي ضعيفة الآن صحيحة عند المحدثين لأن الحديث إذا كثرت طرقه فإنه يقوى، فكيف إذا كان له خمسون طريقا أو مائة؟!!
ويترتب على هذا إهمال لكثير من الأحكام الشرعية الواردة في الأحاديث الضعيفة عندنا، الصحيحة عند المحدثين!!

1 - راجع حاشية المحدث الفاصل، تحقيق محمد عجاج الخطيب: ص 621.
2 - 11 / 261.
3 - راجع قواعد التحديث، القاسمي: ص 201 - 202، وكتاب علوم الإسناد من السنن الكبرى لأستاذنا نجم خلف: ص 7. شرف أصحاب الحديث، الخطيب البغدادي: 41 - 42
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 193 195 ... » »»