أو تركه أحدهما، مع صحة إسناده في الظاهر أصلا في بابه ولم يخرجا له نظيرا ولا ما يقوم مقامه، فالظاهر من حالهما أنهما اطلعا فيه على علة إن كان رأيا، ويحتمل أنهما تركاه نسيانا، أو إيثارا لترك الإطالة، أو رأيا أن غيره مما ذكراه يسد مسده أو لغير ذلك، والله أعلم " (1).
هنا يصرح النووي بأن البخاري ومسلما قد صحت عندهما أحاديث ولم يخرجاها، وهذا اعتراف من النووي بضياع السنن التي لم يخرجها الشيخان وهي تعد بالآلاف، فالبخاري كان يحفظ مائة ألف حديث صحيح وكذا مسلم، ولم يخرجا في صحيحهما عشر ما حفظاه!!
فهل نصدق بأن الله ترك سنته حتى يجمعها البخاري ومسلم؟ لو اعتقدنا هذا للزمنا القول: إن الله حرم عباده من آلاف السنن التي كان يحفظها الشيخان! وقد علل النووي ترك الشيخين لإخراج ما حفظاه بالنسيان أو أنهما آثرا ترك الإطالة... فكيف يقبل الله بترك سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) تضيع بسبب نسيان الشيخين أو خوفهما من الإطالة؟! أما كان الله قادرا على جمع سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، عند أناس لا ينسون ولا يملون الإطالة؟! بلى، إن الله قد جمع سنة نبيه في حياته (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعلها عند أولى الناس بها، وهذا هو المفروض شرعا وعقلا، أما أن يترك الله سنة نبيه تدون بعد مائتي سنة ويتركها تضيع خوف الإطالة فهذا ما لا يصدقه عقل.
3 - جعل محمد جمال الدين القاسمي في كتابه " قواعد التحديث "، عنوانا: " بيان أن الصحيح لم يستوعب في مصنف " قال: قال العلامة الأمير في شرح " غرامي صحيح ": " لم يستوعب الصحيح مصنف أصلا، يقول البخاري: " أحفظ مائة ألف حديث من الصحيح، ومائتي ألف من غيره "، ولم يوجد في الصحيحين بل ولا في بقية الكتب الستة، هذا القدر من الصحيح " (2)!!