ونظام توحيد الله تعالى نفي الصفات عنه؛ لشهادة العقول أن كل صفة وموصوف مخلوق، وشهادة كل مخلوق أن له خالقا ليس بصفة ولا موصوف، وشهادة كل صفة وموصوف بالاقتران، وشهادة الاقتران بالحدث، وشهادة الحدث بالامتناع من الأزل الممتنع من الحدث.
فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته، ولا إياه وحد من اكتنهه (1)، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا به صدق من نهاه، ولا صمد صمده من أشار إليه، ولا إياه عنى من شبهه، ولا له تذلل من بعضه، ولا إياه أراد من توهمه.
كل معروف بنفسه مصنوع، وكل قائم في سواه معلول، بصنع الله يستدل عليه، وبالعقول يعتقد معرفته، وبالفطرة تثبت حجته، خلق الله الخلق حجاب بينه وبينهم، ومباينته إياهم مفارقته إنيتهم، وابتداؤه إياهم دليلهم على أن لا ابتداء له؛ لعجز كل مبتدأ عن ابتداء غيره، وأدوه (2) إياهم دليل على أن لا أداة فيه؛ لشهادة الأدوات بفاقة المتأدين. وأسماؤه تعبير، وأفعاله تفهيم، وذاته حقيقة، وكنهه تفريق بينه وبين خلقه، وغبوره تحديد لما سواه، فقد جهل الله من استوصفه، وقد تعداه من اشتمله، وقد أخطأه من اكتنهه، ومن قال: " كيف؟ " فقد شبهه، ومن قال: " لم؟ " فقد علله، ومن قال: " متى؟ " فقد وقته، ومن قال: " فيم؟ " فقد ضمنه، ومن قال: " إلام؟ " فقد نهاه، ومن قال " حتام؟ " فقد غياه، ومن غياه فقد غاياه،