أقرب من حبل الوريد، وأبعد في الشبه من كل بعيد. لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة، ولا كرور لفظة، ولا ازدلاف رقوة، ولا انبساط خطوة، في غسق ليل داج، ولا إدلاج. لا يتغشى عليه القمر المنير، ولا انبساط الشمس ذات النور بضوئهما في الكرور، ولا إقبال ليل مقبل، ولا إدبار نهار مدبر، إلا وهو محيط بما يريد من تكوينه.
فهو العالم بكل مكان، وكل حين وأوان، وكل نهاية ومدة، والأمد إلى الخلق مضروب، والحد إلى غيره منسوب، لم يخلق الأشياء من أصول أولية، ولا بأوائل كانت قبله بدية، بل خلق ما خلق فأقام خلقه، وصور ما صور فأحسن صورته.
توحد في علوه فليس لشيء منه امتناع، ولا له بطاعة شيء من خلقه انتفاع. إجابته للداعين سريعة، والملائكة في السماوات والأرضين له مطيعة. علمه بالأموات البائدين، كعلمه بالأحياء المتقلبين، وعلمه بما في السماوات العلى كعلمه بما في الأرض (1) السفلى، وعلمه بكل شيء.
لا تحيره الأصوات، ولا تشغله اللغات، سميع للأصوات المختلفة، بلا جوارح له مؤتلفة. مدبر بصير، عالم بالأمور، حي قيوم، سبحانه.
كلم موسى تكليما بلا جوارح ولا أدوات، ولا شفة ولا لهوات، سبحانه وتعالى عن تكييف الصفات. من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود، ومن ذكر أن الأماكن به تحيط لزمته الحيرة والتخليط، بل هو المحيط بكل مكان.
فإن كنت صادقا أيها المتكلف لوصف الرحمن، بخلاف التنزيل