مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٥٤٠
كلامهم يستجاب لهم. فلا تتشبهوا بهم. لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه. فصلوا أنتم هكذا:
أبانا الذي في السماوات. ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض. خبزنا كفافنا أعطنا اليوم. واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا. ولا تدخلنا في تجربة. لكن نجنا من الشرير. لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد. آمين) انتهى.
ونشير هنا إلى بعض النقاط في هذه الصلاة:
1 - أنها تخاطب الله تعالى بلفظ (أبانا الذي في السماوات)!
وإطلاق لفظ الأب على الله تعالى إن قصدوا به المعنى الحقيقي فقد جعلوا الله مخلوقا، حيث نسبوا إليه صفة التوليد التي هي صفة المخلوق!
وإن قصدوا به المعنى المجازي فقد شبهوه بالمخلوق، وتشبيه الله بمخلوقاته يعني إثبات صفاتها له.. وحينئذ تكون صلاتهم وعبادتهم للمخلوق لا للخالق!
أما العبادة في الإسلام فهي لله تعالى الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.. فلا تعطيل للعقل عن معرفته، ولا تشبيه له بشئ من خلقه.
2 - بعد هذا الثناء على الله تعالى نرى أن صلاة المسيحي تعلمه أن يطلب من الله تعالى الخبز الذي يكون لجسده كالعلف للحيوان (خبزنا كففنا أعطنا اليوم)!.
بينما يطلب المسلم في صلاته بعد الثناء على ربه، نور البصيرة في عقله حتى يجد الصراط المستقيم للحركة إلى الغرض المقصود من خلقه والتوفيق للسير إلى هدفه {اهدنا الصراط المستقيم}، فلا جوهر أشرف وأغلى من الهداية التي هي كمال الإنسان ولا طريق إلى المقصد أعدل وأقوم وأقرب من الصراط المستقيم، ولا هدف أجل وأعلى من الله تبارك وتعالى.
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»