مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٣٤٥
كان العتاب فإن العتاب يسير.
واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، وإذا أردت عزا بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان فاخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله عز وجل، وإذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإذا أردت منه معونة أعانك، وإن قلت صدق قولك، وإن صلت شد صولك، وإن مددت يدك بفضل مدها، وإن بدت منك ثلمة سدها وإن رأى منك حسنة عدها، وإن سألته أعطاك، وإن سكت عنه ابتدأك، وإن نزلت بك أحد [احدى] الملمات أسألك، من لا يأتيك منه البوائق ولا يختلف عليك منه الطوالق، ولا يخذلك عند الحقائق، وإن تنازعتما منفسا آثرك.
قال: ثم انقطع نفسه، واصفر لونه حتى خشيت عليه (1).
هكذا انقطع نفسه في الدعوة إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، وأذهب عن كل من عمل بهذه الكلمات حسرة الفوت وسكرة الموت، وأحيا بمماته كل نفس بحياة طيبة.
وقال لأخيه: ولقد عرفت من دهاني، ومن أين أتيت، فما أنت صانع به يا أخي؟
فقال الحسين (عليه السلام): اقتله والله. قال: فلا أخبرك به أبدا حتى تلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن اكتب: هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين بن علي، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنه يعبده حق عبادته، لا شريك له في الملك، ولا ولي له من الذل، وأنه خلق كل شئ فقدره تقديرا، وأنه أولى من عبد، وأحق من حمد، من أطاعه رشد، ومن عصاه غوى، ومن تاب إليه اهتدى، فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك، أن تصفح عن مسيئهم، وتقبل من محسنهم، وتكون لهم خلفا ووالدا، وأن تدفنني مع جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإني أحق به وببيته ممن أدخل بيته بغير إذنه، ولا كتاب جاءهم من

(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»