عز وجل، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم، وسأل الله تعالى الجنة، وتعوذ به من النار، وكان (عليه السلام) لا يقرأ من كتاب الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا} إلا قال: لبيك اللهم لبيك، ولم ير في شئ من أحواله إلا ذاكرا لله سبحانه، وكان أصدق الناس لهجة وأفصحهم منطقا (1).
هذه معاملته مع الله، وأما معاملته مع خلقه فقد كان مارا في بعض حيطان المدينة، فرأى أسود بيده رغيف يأكل ويطعم الكلب لقمة، إلى أن شاطره الرغيف، فقال له الحسن (عليه السلام): ما حملك على أن شاطرته ولم تغابنه فيه بشئ، فقال: استحت عيناي من عينيه أن أغابنه. فقال له: غلام من أنت؟ فقال: غلام أبان بن عثمان، فقال: والحائط؟ قال: لأبان بن عثمان. فقال له الحسن (عليه السلام):
أقسمت عليك، لا برحت حتى أعود عليك، فمر واشترى الغلام والحائط، وجاء إلى الغلام، فقال: يا غلام قد اشتريتك، قال: فقام قائما، فقال: السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يا مولاي، قال: وقد اشتريت الحائط، وأنت حر لوجه الله، والحائط هبة مني إليك، فقال الغلام: يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له (2).
هذه معاملته مع الضعيف مع قبض يده، فكيف كان الأمر لو كانت يداه مبسوطتان.
وأما معاملته لعدوه، فقد قال لأخيه الحسين (عليه السلام) عند وفاته: وإني لعارف من أين دهيت، فأنا أخاصمه إلى الله تعالى، فبحقي عليك لا تكلمت في ذلك بشئ (3).