مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ١١٠
ثم قال:
يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله عز وجل أن أدعوكم إليه فأيكم يؤمن بي ويؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟
ولما بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذه النقطة، وبينما أمسك القوم وسكتوا عن آخرهم وأخذوا يفكرون مليا في ما يؤول إليه هذا الأمر العظيم، وما يكتنفه من أخطار قام علي عليه السلام فجأة، وهو آنذاك في الثالثة أو الخامسة عشرة من عمره، وقال وهو يخترق بكلماته الشجاعة جدار الصمت والذهول:
أنا يا رسول الله أكون وزيرك على ما بعثك الله.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اجلس، ثم كرر دعوته ثانية وثالثة وفي كل مرة يحجم القوم عن تلبية دعوته، ويقوم علي ويعلن عن استعداده لمؤازرة النبي، ويأمره رسول الله بالجلوس حتى إذا كانت المرة الثالثة أخذ رسول الله بيده والتفت إلى الحاضرين من عشيرته الأقربين، وقال:
إن هذا أخي، ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.
فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع وجعله عليك أميرا. (1) هذا موجز ما ذكره المفسرون والمحدثون حول الآية، وفي صحاحهم ومسانيدهم.

(١) تاريخ الطبري: ٢ / ٦٢ - ٦٣، الكامل في التاريخ: ٢ / ٤٠ - ٤١، مسند أحمد: ١ / ١١١، شرح نهج البلاغة: ١٣ / 210 - 211.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»