النفوس بالنوازل والحوادث.
وأخيرا أنها تضاد عدله سبحانه.
وعلى كل تقدير فبما أن هذه المسألة من المسائل العويصة لها صلة بالأبواب الأربعة المذكورة سالفا، ووقعت محط اهتمام الحكماء الإسلاميين، و بما أن البحوث المذكورة في هذا القسم من الكتاب تتمحور حول عدله سبحانه فنحن نتناول هذه المسألة من تلك الزاوية فقط. ولأجل إيضاح الإشكال نأتي بما يلي:
إن البحث في المقام يدور حول محاور ثلاثة:
الأول: البلايا والمصائب كالزلازل والسيول والأعاصير.
الثاني: اختلاف الناس في المواهب العقلية والاستعدادات.
الثالث: الفواصل الطبقية الهائلة بين الناس.
هذه الأمور وأمثالها وقعت ذريعة لنفي عدله سبحانه، فلنتناول كل واحد من هذه المحاور بالبحث.
الأول: البلايا والمصائب والعدل الإلهي إن من يظن أن البلايا والمصائب تخالف عدله فإنما ينظر إليها من منظار ضيق محدود، فلو نظر إليها في إطار النظام الكوني العام، لأذعن أنها خير برمتها، أو أنها خير يلازم شرا قليلا، وتكون المسألة كما يصفه الشاعر في البيت التالي:
ما ليس موزونا لبعض من نغم * ففي نظام الكل كل منتظم إن من ينظر إلى هذه الظواهر من منظار خاص ويتجاهل غير نفسه في العالم، ففي نظره تتجلى هذه الحوادث أمامه شرا وبلية، وأما إذا نظر إليها من منظار خارج عن إطار الأنانية والمصالح الشخصية الضيقة، تنقلب هذه الحوادث