مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٦٤
أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا * استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا) *. (1) هذه نبذة من السنن الإلهية السائدة في الفرد والمجتمع. وفي وسع الباحث أن يتدبر في آيات الكتاب العزيز حتى يقف على المزيد من سننه تعالى وقوانينه، ثم يرجع إلى تاريخ الأمم وأحوالها فيصدق قوله سبحانه: * (فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا) *.
هذا كله حول القضاء والقدر بمعنى السنن الكونية، وإليك البحث في المعنى الثاني.
* ب: القضاء والقدر التكوينيان قد علمت أن وجود كل شئ رهن تقديره وتحديده أولا، ثم وصول الشئ حسب اجتماع أجزاء علته إلى حد، يكون وجوده ضروريا وعدمه ممتنعا بحيث إذا نسب إلى علته يوصف بأنه ضروري الوجود، ولأجل ذلك ترى أن أئمة أهل البيت عليهم السلام يفسرون القدر بالهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء، والقضاء بالإبرام وإقامة العين. (2) وعلى ذلك فلا يوجد في صفحة الوجود الإمكاني إلا في ظل هذين الأمرين، ومن المعلوم أن التقدير والقضاء بالمعنى السابق لا يتخذ ذريعة إلا في مورد فعل الإنسان حيث يتصور أن وجوب وجوده ينافي الاختيار وبالتالي ينافي

(١) فاطر: ٤٢ - ٤٣.
(٢) الكافي: ١ / 158.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»