مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٧٩
الإمامة والخلافة قد تقدم في صدر الكتاب أن هناك أصلين انفرد بهما مذهب الشيعة الإمامية، ولذلك يعدان من أصول المذهب، دون أصول الدين، لأن الثاني عبارة عن الأصول التي يشترك فيها جميع المسلمين بخلاف أصول المذهب، فإنها من خصوصيات مذهب دون مذهب آخر، وقد تقدم أن التوحيد والمعاد والنبوة العامة والخاصة مما اتفقت عليه عامة المسلمين دون العدل والإمامة، فالأول قالت به المعتزلة والشيعة، والثاني انفردت به الشيعة وبالأخص الإمامية منهم، وقد فرغنا عن بيان العدل ودلائله وشبهاته وحلولها، فحان البحث في الأصل الثاني وهو الإمامة والخلافة.
وليعلم أن أصل الإمامة مما اتفقت عليه كلمة المسلمين إلا بعض الفرق الشاذة، فالجميع على لزوم وجود إمام يقود الأمة إلى الصلاح والفلاح، ويقوم بإدارة البلاد على أفضل وجه، ويطبق الشريعة على صعيد الحياة إلى غير ذلك مما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقوم به. وهذا مما لا خلاف فيه بين المسلمين.
إنما الكلام في أن تعيين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونصبه لهذا المنصب، هل هو بيد الله سبحانه وبذلك يعد منصب الإمامة كالنبوة، منصبا إلهيا؟ أو بيد الأمة أو بعضهم فتصير الإمامة منصبا اجتماعيا كسائر المناصب الاجتماعية أو السياسية التي يقوم
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 79 80 81 82 83 84 ... » »»