مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٧٠
الغفلة، من خلال جرس إنذار يذكر ويوقظ فطرته وينبهه من غفلته، وليس هو إلا بعض الحوادث التي تقطع وتيرة الحياة الرغيدة، حتى يتخلى عن غروره و يخفف من حدة طغيانه، وإلى هذا الجانب يشير قوله سبحانه: * (إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى) *. (1) وبذلك يعلل قوله سبحانه نزول الحوادث، ويقول: * (وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون) *. (2) إلى غير ذلك من الآيات التي تشير إلى أن الهدف من وراء نزول البلايا هو تخلي الإنسان عن غروره.
ج: تقاعس الإنسان عن تحمل مسؤوليته إن ما يسميه الإنسان بالبلايا والشرور لم يكتب عليها الشر على وجه الإطلاق بل تتبع الظروف، فالسيل الجارف يعد شرا في البلاد المتخلفة عن ركب الحضارة، وأما في البلاد المتقدمة فيعد خيرا، لأنها تقوم بمشاريع بناء السدود بغية جمع مياه تلك السيول واستثمارها في انتاج الطاقة الكهربائية، ولذلك قلنا إنه لم يكتب على السيل أنه شر أو خير وإنما هو يتبع همة الإنسان وقيامه بمسؤوليته في إعمار البلاد.
وهكذا الزلازل الأرضية فقد تسبب أضرارا فادحة في البلاد النائية المتخلفة وتؤدي إلى إزهاق أرواح كثيرة، وهذا بخلاف البلاد المتطورة فقد اتخذت التدابير اللازمة للوقاية من دمار الزلازل من خلال تشييد المدن والقرى على دعائم متينة

(١) العلق: ٦ - 7 - (2) الأعراف: 94.
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»