ج: القضاء والقدر: علمه السابق ومشيئته النافذة.
وإليك البحث في كل واحد منها:
أ. القضاء والقدر: السنن الكونية القضاء والقدر في السنن الكونية عبارة عن النظام السائد في العالم و الإنسان، فالله سبحانه قدر وحتم إحراق النار وتبريد الماء إلى غير ذلك من السنن التي كشفها الإنسان طيلة وجوده على هذه البسيطة، فكلها من مظاهر القضاء والقدر، فكل من اعتنى بصحته فالمقدر في حقه هو السلامة، ومن كان على خلافه فالمقضي في حقه هو المرض، وكذا الفار من تحت جدار على وشك الانقضاض، كتبت له النجاة، والواقف تحته كتب عليه الموت إلى غير ذلك، فهذه السنن الكونية التي جعلها الله دعائم يقوم عليها هذا النظام، وقد وقف على بعضها الإنسان عبر حياته، وهناك سنن كونية ربما لا يقف عليها الإنسان إلا عن طريق الوحي، قال سبحانه حاكيا عن شيخ الأنبياء نوح عليه السلام:
1 - * (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * و يمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) *. (1) فترى أن نوحا عليه السلام يجعل الاستغفار سببا مؤثرا في نزول المطر وكثرة الأموال وجريان الأنهار، ووفرة الأولاد. وإنكار تأثير الاستغفار في هذه الكائنات أشبه بكلمات الملاحدة. وموقف الاستغفار هنا موقف العلة التامة أو المقتضي بالنسبة إليها، والآية تهدف إلى أن الرجوع إلى الله وإقامة دينه وأحكامه يسوق المجتمع إلى النظم والعدل والقسط، وذلك لأن في ظله تنصب القوى في بناء المجتمع