مدينة النجف - محمد علي جعفر التميمي - الصفحة ٢٨
وأما الزهد في الدنيا فهو سيد الزهاد وبدل الأبدال وإليه تشد الرحال وعنده تنفض الأحلاس ما شبع من طعام قط وكان أخشن الناس مأكلا وملبسا وأما العبادة فكان أعبد الناس وأكثرهم صلاد وصوما ومنه تعلم الناس صلاة الليل وملازمة الأوراد وقيام النافلة.
وأما قراءته القرآن والاشتغال به فهو المنظور إليه في هذا الباب اتفق الكل على أنه كان يحفظ القرآن على عهد رسول الله (ص) ولم يكن غيره يحفظه ثم هو أول من جمعه، وإذا رجعت إلى كتب القراءات وجدت أئمة القراء كلهم يرجعون إليه كأبي عمرو بن العلاء وعاصم بن أبي النجود وغيرهما لأنهم يرجعون إلى أبي عبد الرحمن السلمي القارئ وأبو عبد الرحمن كان تلميذه وعنه أخذ القرآن فقد صار هذا الفن من الفنون التي تنتهي إليه أيضا مثل كثير مما سبق.
وأما الرأي والتدبير فكان من أسد الناس رأيا وأصحهم تدبيرا وهو الذي أشار على عمر لما عزم على أن يتوجه بنفسه إلى حرب الروم والفرس بما أشار وهو الذي أشار على عثمان بأمور كان صلاحه فيها ولو قبلها لم يحدث عليه ما حدث وإنما قال أعداؤه لا رأي له لأنه كان متقيد بالشريعة لا يرى خلافها ولا يعمل بما يقتضي الدين تحريمه وقد قال عليه السلام لولا الدين والتقى لكنت أدهى العرب.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»