إلى درجة احتجاج المتقدمين بالخبر - اعتمادا على الفكر - وإن كان ضعيفا أو موضوعا بحسب الاصطلاح!!
وهذا من أوهن الكلام وأكثره بعدا عن النزاهة والتحقيق، لا سيما وأن أساسه فكرة مغلوطة جدا، لأن البحث عن أصول التضعيف الجديد والتنقيب عن جذوره في تاريخ علوم الحديث الشريف عند الإمامية يدل بما لا يقبل الشك مطلقا على توفرها في عمل المتقدمين وإن لم يباشروا تصنيفها بأنفسهم..
فقد صرحوا - كالشيخ الطوسي - بالخبر المتواتر، والصحيح، والمحتف بالقرينة، وخبر الآحاد، وذكروا المشهور والمستفيض والمرفوع والموقوف والمنقطع والمقطوع والمضمر والمضعف والغريب والمنفرد والشاذ النادر، وفاضلوا بين الأخبار، فقالوا: صحيح وأصح، وقوي وأقوى، كما بينوا علل الحديث سندا ومتنا، وميزوا بين خبر العدل الثقة وخبر فاسد المذهب سواء كان ثقة أو غير ثقة، واحتجوا بالأول دون الثاني، وغير ذلك من الأمور الكثيرة الأخرى ذات الصلة الوطيدة بمصطلح الحديث بما يدل بوضوح على عدم وجود فرق جوهري كبير فيه بينهم وبين التصنيف الجديد الذي تزعمته المدرسة الحلية في عهد ابن إدريس ثم السيد أحمد ابن طاووس وأخيرا العلامة الحلي.
نعم، لم يكن هناك فرق كبير بينهما في مصطلح الحديث إلا في حدود صياغة المصطلح وما يحتاجه من شروط وقيود لوجود فترة في البين أوجبت على رواد التصنيف الجديد الاحتراز، مما خلفته تلك الفترة من آثار سلبية في تقييم خبر الآحاد بعد ضياع أكثر كتب الحديث والرجال والفهرسة.