مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٩٠
وخامة عواقبه إلى حد يصعب معه تدارك الموقف، واستخلاص الصحيح من السقيم المعوج.
وهو معنى آخر لكلام الإمام علي (عليه السلام) في خطبته الشقشقية: " فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس، وتلون واعتراض... " (1).
فها هم اليوم قد انقلبوا على أعقابهم، واستولى عليهم منطق الجاهلية، إذ قال أحدهم: نحن أهل العزة والمنعة، وأجابه الآخر: من ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته؟! وكانوا قد أسقطوا الكتاب والسنة من مقاييسهم في يوم السقيفة.
نعم، إن الحزب القرشي قد استفاد من الذهنية الجاهلية لتطبيق الخلافة والحكم، ولهذا رأينا النزاع يدور حول أولوية الأنصار بالخلافة من المهاجرين أو العكس، ولم يلحظ في نزاعهم تحكيم معايير الإسلام، كالعلم والتقوى والجهاد وغيرها من أصول التفاضل القرآني.
إذا فمسألة فدك - في أحد أبعادها - ليست مسألة ميراث ونحلة فقط، بقدر ما هي مسألة شرعية خلافة أو التشكيك فيها، لأن قريشا كانت تحلم بهذه الخلافة وكان رؤساؤها يعترضون بين الفينة والأخرى على تنصيب الرسول لهذا أو ذاك، فجاء عنه قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الذين شككوا في إمارة أسامة: " قد بلغني أن قوما يقولون في إمارة أسامة، ولعمري لئن قالوا في إمارته لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله، وإن كان أبوه لخليقا للإمارة، وإنه لخليق، فأنفذوا بعث أسامة " (2).
وقد اعترف عمر بن الخطاب بأن رسول الله أراد أن يصرح - متجاهلا

(١) لو أردت المزيد فيمكنك مراجعة كتابنا منع تدوين الحديث: ٢٤٢ وما بعدها.
(٢) تاريخ الطبري ٢ / ٤٣١، الطبقات الكبرى ٢ / 349.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست