مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٩٥
واحتجاجات الفقهاء المعاصرين.
ولم يكن هذا ليتسنى للشيخ، لو لم يشبع الأخبار المروية في الفقه الإمامي بحثا وتمحيصا، بعد أن حصرها - بجميع أقسامها وفروعها الكثيرة - بثلاثة أقسام لا رابع لها، وهي:
1 - الأخبار المتواترة.
2 - الأخبار المحتفة بالقرائن.
3 - أخبار الآحاد.
وبما أن المتواتر لا نقاش في حجيته، لكونها ذاتية، وما كانت حجيته كذلك، فهو في غنى عن التماس الأدلة على إثبات حجيته، ولهذا ترى الشيخ قد اكتفى بالقول عن الأخبار المتواترة بأنها موجبة للعلم والعمل، موليا عنايته بدراسة القسمين الآخرين، مبينا في ذلك القرائن المحتفة بالخبر بقسميها، وهما: ما دل منها على صحة الخبر في نفسه، وما دل منها على صحة متضمنه مفصلا طرق الجمع بين أخبار الآحاد المتعارضة، وطرق الترجيح أيضا، وهذا الموقف العلمي النظري إزاء جميع الأخبار المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن الأئمة (عليهم السلام)، قد بيناه مفصلا في ما تقدم من الحلقات السابقة.
وما نريد التأكيد عليه هنا، هو أن موقفه العلمي النظري إزاء تلك الأخبار - وهو ما أسسه في مقدمة التهذيب وديباجة الاستبصار، وأكده في كتابه: العدة في أصول الفقه، لم يختلف عن موقفه العملي التطبيقي بشأن تلك الأخبار، لأن ما مهده من سبل الجمع والترجيح وغير ذلك أولا، سار عليه ثانيا، ولم يشذ عنه ولو في مورد واحد، ومن هنا لم يحصل بين الموقفين تهافت أو تناقض، وإن حاول بعض الأشخاص أن يمسهما معا
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست