مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٨٧
وإن كان (صلى الله عليه وآله وسلم) قد عين وصيه، فكيف يصح أن يقال إنه ترك الأمر للناس كي ينتخبوا؟!
وهكذا الحال بالنسبة إلى عمر بن الخطاب، إذ لو كان يؤمن بمبدأ الشورى فلم لا يستجيب لقول الصحابة حينما أشاروا عليه تدوين الحديث (1)؟!
وكيف بعمر يقول: " لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح باقيا استخلفته ووليته... ولو أدركت معاذ بن جبل استخلفته... ولو أدركت خالد بن الوليد لوليته " (2)، ويقول: " لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا استخلفته، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته " (3)؟!
بل كيف لنا أن نفهم أبعاد هذا التخليط عند الحكام في صدر الإسلام؟!
فقول عمر: " لو كان سالم مولى أبي حذيفة " لا يتفق مع سياسته نحو الموالي! كما لا يتفق مع احتجاجهم بأن الأئمة من قريش، وأن قريشا أولى من سائر العرب بقربها من النبي دون سائرهم!!
وهكذا الحال بالنسبة إلى قوله: " لو أدركت معاذ بن جبل " فهو يخالف فكرته وسياسته نحو الأنصار!
وماذا يعني أبو بكر بقوله: " ليتني سألت عن هذا الأمر، وهل للأنصار فيه نصيب؟ " لو لم تكن الخلافة من مهام الرسول؟!
إن المتأمل في كلام الإمام علي وخطبة الزهراء (عليهما السلام) - وهما من أعلام المتعبدين، المعارضين للاجتهاد والمصلحة - يعلم بأن الظروف هي التي دعت إلى اختلاف المواقف واختلاق الأصول والمباني عند الصحابة لمصلحة

(١) تقييد العلم: ٤٩، حجية السنة: ٣٩٥.
(٢) الإمامة والسياسة ١ / ٤٢.
(٣) تاريخ الطبري ٢ / 580 حوادث سنة 23 ه‍ - قصة الشورى.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست