مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٨٦
إلى غير ذلك من الرؤى التي استلت من بيعة أبي بكر، وكتابة عثمان خلافة عمر وإقرار أبي بكر لذلك، واختراع عمر لمبدأ الشورى..
فكان لا بد من إيجاد المخرج لتصحيح تلك البيعات، ومن هنا ظهرت الآراء المتضاربة والمتهافتة، وأثرت حتى اليوم على شرعية وشكلية الحكومة الإسلامية.
لكن الاستدلال بالكثرة غير صحيح عقلا ونقلا، إذ لو صحت الكثرة دليلا لكان الكفار على حق، لكونهم أكثر عددا من المؤمنين في صدر الإسلام، بل في أغلب الأزمان، حتى صرح القرآن الحكيم بعدم نفع الكثرة قبال القلة المؤمنة، بقوله: * (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) * (1)، وقوله: * (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) * (2)، وقوله: * (وقليل من عبادي الشكور) * (3)، وقوله:
* (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * (4).
وعليه فمعيار الكثرة والقلة لا يمكن جعله دليلا على المطلوب.
وهكذا الحال بالنسبة إلى اتفاق أهل الحل والعقد، فهو مردود شرعا وعقلا، ونحن نترك الجواب عن أمثال هذه رعاية للاختصار.
وعليه: فالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) إما أن يكون ترك أمر البيعة للناس، أو أن يكون عين من يخلفه؟!
فإن كان (صلى الله عليه وآله وسلم) قد تركهم، فلماذا يعين أبو بكر عمر خلفا له خلافا لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!

(١) سورة البقرة ٢: ٢٤٩.
(٢) سورة الأنعام ٦: ١١٦.
(٣) سورة سبأ ٣٤: ١٣.
(٤) سورة الأعراف ٧: 187، سورة يوسف 12: 21، سورة الروم 30: 6، سورة سبأ 34: 28، سورة غافر 40: 57.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست