مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٢٤٠
فلا بد حينئذ من الجمع بين هذه الأخبار وبين الأخبار الأولى، ورفع التعارض الظاهر بينهما، إذ لا يجوز إسقاط أحدهما ورده مع إمكان التأويل والجمع، وهو يحصل بوجوه:
الأول: أن يقال: إن العاصي إن يرتكب المعاصي على وجه التهاون بها، والاستخفاف بها، وعدم المبالاة بها، متكلا على غفرانها له لا محالة، بسبب دعواه ولاية أهل البيت (عليهم السلام)، فمثل هذا يكون ادعاؤه ولاية أهل البيت (عليهم السلام) كذبا، فلا يستحق من الله تعالى التفضل عليه بغفران ذنوبه من حقيقة الولاية.
ويدل على هذا التأويل قول الصادق (عليه السلام): " ما بين المسلم وبين أن يكفر إلا أن يترك صلاة واحدة، مستخفا بها، أو يتهاون بها فلا يصليها " (1).
وقولهم (عليهم السلام) في عدة أخبار: " اتقوا المحقرات من الذنوب، فإنها لا تغفر " (2)، وفسروها بأنها ذنوب صغائر (3)، يفعلها المكلف ويقول: إن

(١) أورده البرقي في المحاسن ١ / ١٦٠ ح ١١، عن محمد بن علي، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):...، والصدوق في عقاب الأعمال: ٢٧٤ رقم ١، عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب...، وعنهما في وسائل الشيعة ٤ / ٤٢ ح ٦ باختلاف يسير.
(٢) الكافي ٢ / ٢٧٠ ح ١٠، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، وص ٢٨٧ ح ١، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه... ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي أسامة زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وعنه في وسائل الشيعة ١٥ / ٣١٠ ح ١، وبحار الأنوار ٧٣ / ٣٤٥ ح ٢٩.
(٣) القاموس المحيط ٢ / 12 مادة " حقر ". والتحقير يوجب الإصرار وترك الندامة الموجبين للبعد عن المغفرة.
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست