مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٢٢٧
أقول:
أراد السائل بالشيخ: العالم الفاضل الكامل الشيخ فخر الدين بن طريح النجفي رحمه الله (1)، وبالكتاب: كتابه المسمى ب‍: الكتاب المنتخب في جمع المراثي والخطب المعروف بين الناس.
والجواب عن هذا السؤال يتوقف على بيان أمر من أمور الاعتقاد وها أنا ذا أوضحه:
فأقول:
لا شك ولا ريب أن ولاية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته فريضة ثابتة من الله تعالى على عباده، بمعنى متابعتهم والائتمام بهم (2)، وأنها شرط في

(١) فخر الدين بن طريح النجفي: هو فخر الدين بن محمد بن علي بن أحمد بن طريح (بالتصغير) المسلمي الأسدي الرماحي النجفي، المعروف بالشيخ الطريحي، من كبار الفقهاء المجتهدين، عالم عامل، محدث رجالي، أديب لغوي، متتبع جليل القدر، ولد في النجف سنة ٩٧٩ ه‍ وفيها درس وتتلمذ على الشيخ محمد بن حسام المشرقي الجزائري، والشيخ محمد بن جابر النجفي..
من تآليفه المطبوعة: جامع المقال في ما يتعلق بأحوال الحديث والرجال، وضوابط الأسماء، ومجمع البحرين ومطلع النهرين، ومنتخب المراثي والخطب، ونزهة الخاطر، وسرور الناظر وتحفة الحاضر. وله تصانيف مخطوطة كثيرة، توفي في الرماحية سنة ١٠٨٥ ه‍ - وقيل: ١٠٨٧ ه‍ - ونقل إلى النجف.
وآل الطريحي من مشاهير الأسر العلمية العريقة في العلم، طار صيتها وامتد أمدها في الكمال والأدب، وخدمت العلم والدين أعواما كثيرة وقرونا عدة، لم يزل ذكرها باقيا ببقاء الأبد يخلدها ما لها من مساع ومؤلفات مشهورة منثورة.
أنظر: أعيان الشيعة ٨ / ٣٩٤، معجم رجال الفكر والأدب في النجف ٢ / ٨٣٧، ماضي النجف وحاضرها ٢ / ٤٢٧.
لمحبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله (عليهم السلام) علامات، منها الطاعة، ومنها المتابعة، كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران آية ٣١: * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم وذنوبكم) *، وبذلك فسرها أهل البيت (عليهم السلام)..
ففي الكافي ٨ / ٢٦ ح ٤، بإسناده عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال الله عز وجل في محكم كتابه: * (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا) *. [سورة النساء ٤: ٨٠] فقرن طاعته بطاعته، ومعصيته بمعصيته، فكان ذلك دليلا على ما فوض إليه، وشاهدا له على من أتبعه وعصاه، وبين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم، فقال تبارك وتعالى في التحريض على اتباعه، والترغيب في تصديقه، والقبول لدعوته:
* (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) * فاتباعه (صلى الله عليه وآله وسلم) محبة الله، ورضاه غفران الذنوب، وكمال الفوز، ووجوب الجنة، وفي التولي عنه والإعراض محادة الله وغضبه وسخطه، والبعد منه مسكن النار، وذلك قوله تعالى:
* (ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده) *. [سورة هود ١١: ١٧].
وعن تفسير العياشي ١ / 167 ح 27 و ح 28، عن بريد بن معاوية العجلي، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) إذ دخل عليه قادم من خراسان ماشيا، فأخرج رجليه وقد تغلفتا وقال: أما والله ما جاء بي من حيث جئت إلا حبكم أهل البيت.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): والله لو أحبنا حجر حشره الله معنا، وهل الدين إلا الحب، إن الله يقول: * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) *، وقال: * (يحبون من هاجر إليهم) *، وهل الدين إلا الحب. [سورة النساء 4: 59]..
وهذا ربعي بن عبد الله يقول لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، إنما نسمي بأسمائكم وأسماء آبائكم، فينفعنا ذلك؟
فقال: إي والله، وهل الدين إلا الحب، قال الله تعالى: * (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم).
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 233 ... » »»
الفهرست