مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤١٦
يا هشام! ثم ذكر أولي الألباب بأحسن الذكر، وحلاهم بأحسن الحلية، فقال: * (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب) * (1).

(١) سورة البقرة ٢: ٢٦٩.
* (أولي الألباب) * اللب: العقل، وأريد به هنا ذوي العقول الكاملة.
* (ومن يؤت الحكمة) * الحكمة: هي من أعظم المواهب، ومن أجل الصفات، فقد قيل في تعريفها: إنها العلم الذي تعظم منفعته، وتجل فائدته.
وروي عن الصادق (عليه السلام) أنها طاعة الله ومعرفة الإمام.
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام) أنها معرفة الإمام واجتناب الكبائر التي أوجب الله تعالى عليها النار.
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام) أنها المعرفة والفقه في الدين، فمن فقه منكم فهو حكيم.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): رأس الحكمة مخافة الله.
وقال في المغرب: الحكمة ما يمنع من الجهل.
وقال ابن دريد: كل ما يؤدي إلى مكرمة أو يمنع من قبيح.
وقال: * (ولكن أكثرهم لا يعلمون) *.
وقال: * (وأكثرهم لا يعقلون) *. [سورة المائدة ٥: ١٠٣].
وقال: " وأكثرهم لا يشعرون ". (اقتباس بالمعنى من آي القرآن الكريم).
أقول: قوله تعالى: * (ولئن سألتهم) * الضمير راجع إلى كفار قريش وهم كانوا قائلين بأن خالق السماوات والأرض هو الله تعالى، لكنهم كانوا يشركون الأصنام معه تعالى في العبادة.
* (قل الحمد لله) * أي على إلزامهم وإلجائهم إلى الاعتراف بما يوجب بطلان معتقدهم، إذ لا يستحق العبادة إلا الموجد المنعم بأصول النعم وفروعها.
* (بل أكثرهم لا يعقلون) * أي أنهم لا يعلمون أنه يلزمهم من القول بالتوحيد في العبادة، أو لا يعلمون ما اعترفوا به ببرهان عقلي ودليل قطعي، لأن كونه تعالى خالق السماوات والأرض نظري لا يعلم إلا ببرهان، وهم معزولون عن إدراكه، وإنما اعترفوا به اضطرارا، أو لا علم لهم أصلا حتى يقروا بالتوحيد بعدما أقروا بموجبه.
* (أن يقول) * أي لأن يقول، أو وقت أن يقول.
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة