مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤١٣
وقال: * (أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا) * (1).
وقال: * (لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) * (2).

(١) سورة الفرقان ٢٥: ٤٤.
* (أم تحسب) * أي: بل أتحسب أن أكثرهم يسمعون سماعا ينتفعون به أو يعقلون أي يتدبرون في ما تلوت عليهم.
* (إن هم إلا كالأنعام) * لعدم انتفاعهم بما قرع آذانهم.
* (بل هم أضل سبيلا) * وجه الأضلية أن البهائم معذورة لعدم القابلية والشعور، وكانت لهم تلك القابلية فضيعوها ونزلوا أنفسهم منزلة البهائم، أو أن الأنعام ألهمت منافعها ومضارها، وهي لا تفعل ما يضرها، وهؤلاء عرفوا طريق الهلاك والنجاة، وسعوا في هلاك أنفسهم، وأيضا تنقاد لمن يتعهدها وتميز من يحسن إليها ممن يسئ إليها، وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون إحسانه من إساءة الشيطان، ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع، ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار، ولأنها إن لم تعتقد حقا ولم تكتسب خيرا لم تعتقد باطلا ولم تكتسب شرا، بخلاف هؤلاء، ولأن جهالتها لا تضر بأحد، وجهالة هؤلاء تؤدي إلى هيج الفتن، وصد الناس عن الحق.
وأضاف المجلسي: أقول: أو لأنها تعرف ربها ولها تسبيح وتقديس كما وردت به الأخبار، وقيل: المراد إن شئت شبهتهم بالأنعام فلك ذلك، بل لك أن تشبههم بأضل منها كالسباع.
(٢) سورة الحشر ٥٩: 14.
* (لا يقاتلونكم) * نزلت في بني النضير من اليهود والذين وافقوهم وراسلوهم من منافقي المدينة.
* (جميعا) * أي مجتمعين.
* (إلا في قرى محصنة) * أي بالدروب والخنادق.
* (أو من وراء جدر) * أي لفرط رهبتهم.
* (بأسهم بينهم شديد) * أي ليس ذلك لضعفهم وجبنهم فإنه يشتد بأسهم إذا على وجوده ووحدته وعلمه وقدرته وحكمته وسائر صفاته.
وقد روي عنه (صلى الله عليه وآله): " ويل لمن قرأ هذه الآية فمج بها " أي: لم يتفكر بها.
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة