ولعنهم من غير تعيين فلا خلاف في جوازه، وأما مع التعيين فوقع كثيرا في الأحاديث كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " اللهم لا تغفر لمحكم بن جثامة "، ثم ذكر قول النووي، وقال: وقد يقال: هذا من خواصه (صلى الله عليه وآله وسلم)، لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" اللهم إني اتخذت عندك عهدا أيما مسلم سببته أو لعنته وليس لها بأهل فاجعلها له صلاة ".. الحديث، وهذا ليس لغيره (صلى الله عليه وآله وسلم). انتهى.
قلت: دعوى الخصوصية مدفوعة بأن الحديث من مرويات أبي هريرة الدوسي، ذلك الدجال الوضاع، وهذا كاف في سقوط الاحتجاج به.
وإذا الفرية في آفاقنا ذكرت * فإنما به فينا يضرب المثل وأيضا: فإن لعن من لا يستحق اللعن، وكذا الجلد والسب والإيذاء بالنسبة لمن لا يستحق ذلك مما لا يجوز على الأنبياء (عليهم السلام) مطلقا، ولذا قال العلامة الحفني في حاشية الجامع الصغير (1): هذا تواضع منه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإلا فهو معصوم، فما وقع منه (صلى الله عليه وآله وسلم) من لعن أو شتم أو جلد فهو لمستحق ذلك. انتهى.
وقد بسط سيدنا الإمام العلامة الشريف ابن شرف الدين العاملي رحمه الله تعالى في بعض كتبه (2) الكلام في تفنيد هذا الحديث وتزييفه، فحقيق ببغاة الحق الوقوف عليه، والله المستعان.
ومما يدل على جواز لعن المعين ما ثبت عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) من لعن طريده الحكم بن أبي العاص - والد مروان - وما ولد (3) ولعن أبي سفيان ومعاوية