مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٠ - الصفحة ٢٣٠
وثانيا: أنه قد تقرر في علم الميزان أن الكلي الطبيعي لا استقلال له بالوجود، وإنما وجوده في ضمن أفراده وبتبعها، فليس معنى قولنا: لعنة الله على الكافر والفاسق والمبتدع و... إلى آخره، إلا لعن أفراد ذلك الكلي ومصاديقه، وإلا فلا معنى للعن الكلي نفسه.
فتحصل من ذلك جواز لعن يزيد وابن زياد وعمر بن سعد وشمر وغيرهم، لأن كلا منهم فرد من أفراد كلي الكافر والفاسق والظالم و... إلى آخره.
فلا مناص من الإذعان لجواز لعن المعين، إذ المانعون يجيزونه في نفس الأمر، وإن كانوا ينكرونه بألسنتهم، بل إن تجويزهم اللعن بصيغة ومنعه بأخرى سفسطة ظاهرة، والعبرة بحقائق الأمور، ومن ثم قال الآلوسي (1): من كان يخشى القال والقيل من التصريح بلعن ذلك الضليل، فليقل: لعن الله من رضي بقتل الحسين (عليه السلام) ومن آذى عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بغير حق ومن غصبهم حقهم، فإنه يكون لاعنا له - يعني يزيد لعنه الله - لدخوله تحت العموم دخولا أوليا في نفس الأمر. انتهى.
وثالثا: أن اللعن الوارد في شأن مستحقه من الكفار والمنافقين والفسقة والظالمين وغيرهم من قبيل القضايا الحملية الحقيقية، وهي التي حكم فيها على أفراد الموضوع المقدرة الوجود في الخارج، كقولنا: كل إنسان حيوان، على معنى أن كل ما لو وجد كان إنسانا فهو بحيث لو وجد كان حيوانا، فالحكم على الأفراد المقدرة الوجود في الخارج، سواء كانت موجودة في الخارج أو معدومة.

(1) روح المعاني 26 / 73 - 74.
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست