مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٠ - الصفحة ١٢٤
أبان.
3 - قبوله إن كان العدل مشتهرا بأنه لا يروي إلا عمن هو ثقة عدل، وهو قول أبي بكر الجصاص، واختاره السرخسي (1).
وجميع هذه الأقوال لا تخلو من مناقشة:
أما القول الأول: فهو مبتني على أساس القياس - الباطل في نفسه - على علة قبول مراسيل الصحابة وهي العدالة، ونظرا لتحققها في رواة القرنين الثاني والثالث - بزعمهم - فلا بد من قبول مراسيلهم إذن!
وقد مر انتفاء المقيس عليه بنص القرآن الكريم والسنة الثابتة، مع سيرة الصحابة وتاريخهم.
وأما القولين الآخرين: ففيهما مخالفة واضحة لمباني أربابهما في القياس، لأن العدالة عندهم ملكة لا تتبعض، وهي نفسها العلة التامة في قبولهم مراسيل من تقدم بلا قيد أو شرط، ومع إيمانهم باطراد تلك العلة، لم يلزموا أنفسهم بقبول مرسل العدل في كل عصر إلا بشرط!!
ولكن حتى مع تجاهل ذلك، فإن في قبول مرسل أئمة النقل العدول توثيق لعين مجهول.
نعم، أقرب الأقوال إلى الصواب هو القول الثالث، ونظيره القول بقبول مراسيل العدول الثلاثة - ابن أبي عمير، وصفوان، والبزنطي - عند الشيعة الإمامية، لتصريح الشيخ بأنهم لا يرسلون إلا عن ثقة (2).
هذا، على فرض أن مفهوم العدالة واحد عند الفريقين، وأنه لا حصر

(1) راجع الأقوال المذكورة في: كشف الأسرار عن أصول البزدوي 2 / 2 وص 7، أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية: 322 - 323.
(2) العدة في أصول الفقه - للشيخ الطوسي - 1 / 154.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست